من الحماقات الكبرى التي لا يمكن أن تغتفر لشخص، أو مؤسسة، أو دولة ما، أن يتجاوز قراءات الواقع والتاريخ، وألا يأخذ العبر مما كان، ويبني على نتائج ذلك الكثير من الخطوات التي يعمل عليها. الامبراطورية العثمانية التي لم تترك أثراً جيداً أينما كانت وحلت، فقط عرفت السلب والنهب والاضطهاد، وخرجت من الأوطان التي احتلتها وقد أعادتها إلى العصور الحجرية.
وحين بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة، وعادة يستمر الأمر في الامبراطوريات زمناً، سميت (الرجل المريض) ليس عبثاً التسمية، مرض الفعل والنهب، ومرض النهايات التي بدت محتومة، ومع المتغيرات التي التي مر عليها قرن ونيف من الزمن، ثمة حمقى يراهنون على أنهم قادرون على إعادة الزمن إلى ما كان قبل خمسة قرون، لايقرؤون ما كان وما حدث، ثمة بريق من الوهم يزين لهم أطماعاً لا يمكن أن تتحقق مهما كان جبروت من يحلم بها، فكيف بالنظام التركي الذي حول تركيا إلى بؤرة للتآمر على جيرانها، وكشر عن مخالب وأنياب مضى عليها الزمن، أردوغان الذي أوصل تركيا إلى جعلها تستعدي العالم كله، ولا ترى إلا ما يخطط له الكيان الصهيوني، لايمكن له -اردوغان- أن يرى أبعد من اللجام الذي وضع على عينيه وأغله بالأحقاد والأطماع.
يظن أن تركيا الآن قادرة على أن تحدث مساراً جديداً في المشهد العالمي، وتحقق أطماعها من خلال صلف القوة والغرور، وكلما خرج من مطب بالكثير من الخسائر ثمة من يزين له فعل شيء آخر، ليراكم الأخطاء والكوارث ويصل إلى نقطة الانهيار التام، وهذا ليس ببعيد.
باختصار: أوهام واستطالات الرجل المريض، هي سرطان الفتك بالنظام التركي الذي لايرى أبعد من أوهام عفا عليها الزمن، لكنها باهظة الثمن، ويدفعه كل يوم.
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير ديب علي حسن