دعم أي قطاع يعني دعم كافة مفردات هذا القطاع، وأي خلل في هذه السلسلة يعني تبديد الجهود والأموال والوقت، الحديث الدائم عن دعم القطاع الزراعي لا يكفي لدعم هذا القطاع، وخطوة هنا وأخرى هناك لا تحقق الدعم، ففي كل عام تتكرر مشكلة الأسمدة لنواحي وفرتها في الوقت المناسب وأسعارها، ومنذ سنوات طويلة تتعالى أصوات المزارعين حول ارتفاع أسعار المبيدات ومصدرها وانتهاء فاعليتها ولكن من دون أن يتغير في الأمر شيء، وبقاء الموضوع رهن أشخاص ومُهربين لا همّ لهم سوى الربح، تضرر المحصول أم الإنسان لا يهم.
قبل سنوات كان هناك بعض الصناعيين يشترون الذرة والصويا من المزارعين في الحقول وبضمانات قبل زراعة المواسم، ولكن بفضل سياسات دعم الاستيراد تحول هؤلاء الصناعيون الى موردين وتجار يكسبون بفارق سعر الصرف بعيداً عن مشقة التواصل مع المزارعين واستجرار المحاصيل من الحقول الأمر الذي أدى لتراجع وانقراض هذه الزراعات.
دعم زراعة الذرة والصويا لا يقف عند دعم المزارعين، فالأمر يحتاج الى وجود مجففات للذرة ومعاصر للصويا وعدم وجود المجففات والمعاصر يعني عدم تسويق الإنتاج، ويعني عدم تصنيع الزيوت وأعلاف الدواجن، وبالتالي خسارة للمزارعين وعزوفهم عن هذه الزراعات.
الدعم يبدأ بتصنيف المحاصيل الإستراتيجية وتحديد مكامن الدعم: أسمدة، مبيدات، بذار، تجهيزات ومكننة… وينتهي بالتسويق والتصنيع، والتخلي عن أي من هذه الحلقات يضرب الحلقات الأخرى.
التصدي للأزمات يكون بالتحضير والإعداد المسبق وليس بالتصريحات والحضور في المكان في ذروة الأزمة.. والكارثة التي طالت قطاع الدواجن وقطاعات أخرى خير دليل على ذلك، وما كان يُمكن معالجته بالخطط المدروسة لا يُمكن معالجته بالخطط الإسعافية والإنعاش، كما لا يُمكن تعويض الخسائر لانعكاساتها الكبيرة على شريحة واسعة من المنتجين والمستهلكين.
على الملأ – بقلم مدير التحرير معد عيسى