لا أعرف إن كان المضي بأي برنامج أو حملة أو مشروع عملت عليه الجهات المعنية بأي قطاع طوال السنوات الأخيرة واستكملته بالمعالجة والإحاطة بكل تفاصيله من ألفه إلى يائه أمراً مستحيلاً وغير قابل للتحقيق، هل يعقل عدم القدرة الذي نشهده من قبل العديد من أصحاب القرار بإدارة ملفات مهمة؟ دون التمكن ولو من الوصول لمنتصف الطريق على أقل تقدير.
والإجابة عما تقدم والحديث بهذا المجال ذات شجون والملفات والقضايا الاقتصادية والصناعية والمعيشية وغيرها الكثير مما طرح على طاولة الحوار والنقاش بعناوين كبيرة ووعود وتصريحات نارية ادعت جميعها أن ما قبل هذا اللقاء ليس كما بعده، وهذا الملف أو ذاك سيوضع على سكته الصحيحة وسيحاسب كل من يخالف أو يستغل ظروف البلد وحاجة الناس إلا أن الواقع أظهر تراخي يد المحاسبة والتجاهل من قبل أصحاب القرار، وتراجع الأداء والإنتاجية والمعالجة ما ساهم بشكل كبير في استمرار تراجع الأداء والإنتاجية في القطاعات المستهدفة، وفي أحيان كثيرة تفاقمها لا بل أعطى الضوء الأخضر للتجار والمستوردين والمستغلين ومقتنصي الفرص للمضي في تجاوزاتهم وتحديهم الوقح الذي فاق كل ما يندرج ضمن مبادئ وأخلاقيات العمل التجاري التي يفترض أن يجسد في مثل هذه الأوضاع التي تمر على البلد.
ولعل ملف التهريب الأكثر حضوراً كمثال عن رجحان كفة الكلام والوعود بمعالجته على كفة النتائج والمعالجة، وتأكيد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية العام الماضي بأن وزارته لم تمنح أي إجازة استيراد لمواد كمالية منذ العام 2016 ما يعني أن كل ما نراه في واجهات المحال في الأسواق من منتجات وبضائع غذائية واستهلاكية وغيرها مهربة يجب مكافحتها على حد قول الوزير لأنها تستنزف القطع الأجنبي.
نعم هكذا بكل بساطة ورؤية ضيقة ينظر لأخطر ملف بالضرورة والحث والتسويف رغم آثاره المدمرة على الاقتصاد وحياة الناس على اعتبار أن المنتجات والبضائع ترد من منشأ غير معروف وتزور بتواريخ الإنتاج والصلاحية وفوق هذا تتصدر رفوف المولات المشهورة والمحال وتباع بأسعار خيالية.
سنوات وأسواقنا تغزوها المهربات بأنواعها وخرافنا ومازوتنا وحتى خضارنا تهرب والمواطن يعاني القلة وارتفاع الأسعار الفاحش واستغلال التجار ومع ذلك ندور بالحلقة المفرغة نفسها كلام وتهديد واجتماعات وكلام مكرر والغلة من كل التصريحات الحالية وما سبقها تكاد تكون صفراً، والدليل ارتفاع بورصة التهريب داخلاً وخارجاً لمستويات غير مسبوقة تستدعي من الجهات المعنية كافة التوقف ملياً أمامها والتعامل بحزم بات أكثر من ملح.
الكنز-هناء ديب