لا ندري ما الإنسانية التي يؤمن بها الغرب، وما مواصفاتها ومحدداتها، وخاصة عندما يرتبط الأمر بمنطقتنا بشكل عام، وبسورية بشكل خاص؟.
فهل الإنسانية عند حكام الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، هي التمييز بين البشر بحسب ألوانهم وأعراقهم، أم هي القائمة على دعم القتل والتنكيل والترهيب والتدمير الذي تمارسه التنظيمات الإرهابية، أم هي تجويع الشعوب وقتل الأطفال بالعقوبات والحصار، أم هي التضييق على الحكومات الشرعية لكي تتراجع قدراتها وإجراءاتها في مواجهة وباء كورونا المستجد الذي يهدد العالم برمته، أم هي كل ذلك مجتمعة؟.
كيف يستقيم دعم الإدارات الأميركية والحكومات الأوروبية للتنظيمات الإرهابية والانفصالية في سورية، كداعش والنصرة وقسد وغيرها، بما تمثله من خطر وإجرام وصل ارتداده وجزء منه إلى المدن والعواصم الغربية، كيف يستقيم ذلك مع الدعوات الإنسانية الزائفة التي يتشدق بها ساسة الغرب على المنابر الأممية والإعلامية، وخاصة في مجلس الأمن الدولي، أم هي سياسة ذرف دموع التماسيح لتمرير نياتهم المبيتة لسورية وشعبها؟.
منذ بداية الأزمة في سورية التي كان الغرب أهم مثيريها ولاعبيها، لم يتوقف الأميركيون والأوروبيون يوماً واحداً عن سياساتهم البغيضة، والتي تقوم أساساً على زج المواضيع الإنسانية زوراً وبهتاناً في كل مناسبة، واضعين الإنسان وحقوقه وحرياته العامة والخاصة خلف ظهورهم، في محاولة مستميتة ومتواصلة من طرفهم لتمرير أجنداتهم المشبوهة والمرفوضة جملة وتفصيلاً من قبل السوريين.
فالمنطق الذي يتبعه الغرب أقل ما يقال عنه إنه منطق أعوج، ولا يتناسب مع مستجدات المرحلة، وإحباط موسكو وبكين بالفيتو المزدوج أمس مشروع القرار الذي يجيز نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود دون موافقة الحكومة السورية الشرعية، دليل آخر جديد على أن الغربيين لا زالوا يعيشون في أوهامهم ويسبحون عكس تيار المنطق والإنسانية.
وأخيراً فلا المشاريع السياسية التي تحاول واشنطن ومن لفّ لفّها تمريرها على شكل قرارات في مجلس الأمن بشكل مناف للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، ولا العقوبات الأوروبية ولا “قانون قيصر” الأميركي قادرة على إركاع سورية وشعبها.
نافذة على حدث – راغب العطيه