تواصل الضغوط الغربية بحدودها القصوى على سورية، يعني في المقام الأول أن منظومة العدوان لم تحقق أيا من أجنداتها السياسية طيلة سنوات الحرب الإرهابية الماضية، وهذا بحد ذاته يؤكد مدى صلابة الصمود السوري بوجه الإرهاب والغطرسة الأميركية، والغربية على وجه العموم، ويشير أيضا إلى أن جعب منظومة التآمر والعدوان لم تنضب بعد من المخططات والمشاريع العدائية طالما بقيت الولايات المتحدة على عدائها المستحكم للشعب السوري، وتوظف كل أدواتها وشركائها لتنفيذ مخططاتها العدوانية لإضعاف دولته بما يخدم حماية الكيان الصهيوني، وشرعنة احتلاله، ومحاولات تكريسه كجزء رئيسي من خارطة المنطقة الجغرافية والسياسية.
الضغوط الغربية تلك لم تقف عند حدود “قيصر” الذي جاء استكمالا للحرب الإرهابية، التي فشلت من خلالها الولايات المتحدة وأتباعها من تحقيق أجنداتها، ونراها تتمدد وتتلون بأشكال أخرى، واستخدام المنظمات والهيئات الدولية كمنصة عدوان لحلف الناتو أحد أوجه هذه الضغوط، وهي ليست المرة الأولى التي يستغل فيها الثالوث الإرهابي الأميركي والبريطاني والفرنسي تلك المنظمات لاستهداف سورية وشعبها، بعد الضغط عليها – أي المنظمات الدولية – لاستصدار قرارات عدائية مبنية على استنتاجات مضللة من أجل تبرير أي عدوان تشنه الدول الغربية الشريكة بسفك الدم السوري، كما حصل سابقا في نيسان 2018.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تمثل النموذج الصارخ للأدوات الغربية التي يتماهى دورها مع أجندات رعاة الإرهاب، وقرارها الأخير بما يخص مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في اللطامنة بمحافظة حماة في شهر آذار 2017، لا يخرج عن سياق المخططات المعدة مسبقا، لتكبيل سورية بمزيد من الضغوط التي تنطوي على تهديدات غربية معلنة، تصب في مصلحة إرهابيي “النصرة وداعش”، ومن ينضوي تحت رايتهم التكفيرية، وتعطيهم الضوء الأخضر للقيام بالمزيد من المسرحيات “الكيميائية” الهزلية، بالاشتراك مع قرينتهم الإرهابية “الخوذ البيضاء” المدعومة والممولة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والنظام التركي، من أجل اتهام الدولة السورية، بدلا من أن تصب تلك المنظمة كل جهودها لمساعدة سورية وحلفائها للقضاء على ما تبقى من تنظيمات إرهابية لأنها هي من استخدمت السلاح الكيميائي أكثر من مرة، وبإشراف خبراء غربيين، بعد أن تم تزويدها بالغازات السامة من ذات الدول التي سعت لاستصدار القرار المسيس.
ولا تختلف لجنة التحقيق الدولية التابعة لمجلس حقوق الإنسان عن غيرها من الأدوات الغربية التي جعلت من نفسها منصة أخرى للعدوان على الشعب السوري، وتقاريرها المسيسة تعتمد بشكل أساسي على ذات الجهات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية التي بنت عليها منظمة حظر الأسلحة الكيمائية تقريرها الأخير، وكلتا الجهتين الدوليتين تهدف من وراء تقاريرهما الصادرة حماية التنظيمات الإرهابية، تماشيا مع الإصرار الغربي مؤخرا على إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق وجود تلك التنظيمات من خلال معابر حدودية غير شرعية، وهذا يؤكد مجددا أن الإرهاب الذي تعاني منه سورية هو بضاعة الغرب الفاسدة، ولم يخرج يوما من تحت مظلة الرعاية والحماية الأميركية والأوروبية، أو من غطاء تستر المنظمات الأممية على جرائمه.
البقعة الساخنة- ناصر منذر