الثورة أون لاين- معد عيسى:
تجاوزت عملية قطع الأشجار كل الحدود وذهبت أبعد من الغاية تبرر الوسيلة حيث أصبحت عملية القطع تشبه عملية حلاقة الشعر لا تميز بين شجرة صغيرة أو كبيرة .
الاحتطاب من الغابات والاستفادة من مخلفاتها حق ضمنه القانون للمجتمع المحلي المحيط بالغابة ولكن الأمر تجاوز الحق وأصبح تجارة للحطب والفحم ، ومع تطور التقنيات تم استحضار مكنات خاصة لفرم أغصان الأشجار وتحويلها إلى فحم للنراجيل ومع استمرار عملية حلاقة الغابات سيأتي يوم قريب يختفي فيه الغطاء الأخضر وتتحول جبالنا إلى صحراء قاحلة .
يمكن تبرير قطع الأشجار والحراج من أجل التدفئة تحت ضغط أعباء الحياة ولكن لا يمكن بأي شكل تبريرها من أجل تأمين فحم اراكيل ويمكن بمراقبة بسيطة( للفانات ) التي تقوم بتوزيع الفحم على المقاهي في مدينة دمشق وحدها لنعرف حجم الكارثة التي تنتظر غاباتنا وهذا بحدّ ذاته يطرح سؤالاً عن سهولة عمليات نقل الفحم وتوزيعه وكان الأمر لا يتعلق بثروتنا الحراجية .
خطر التفحيم يتجاوز أي خطر آخر على الغابات بسبب القطع العشوائي والجائر دون تمييز وكذلك بالحرائق التي تسببت بها عمليات التفحيم.
عمليات التفحيم أخذت شكلاً آخر اليوم بدخول مجموعات من الشباب على دراجات نارية إلى الغابات تقوم بالقطع ونقل الاحطاب إلى البساتين ويتم الترخيص بشكل نظامي لتقديمه على أنها مخلفات تقليم بساتين .
الغابات لا يمكن حمايتها بعناصر لا تملك وسائل ولا صلاحيات الحماية ويمكن لأي شخص مسلح تهديدها ، وعليه يجب إعادة النظر بقانون عناصر حماية الغابات ووسائل حمايتها ولا يكفي فقط التشدد في عقوبة الاعتداء على الغابات ،كما يجب إعادة النظر بموضوع إعادة تحريج المناطق المحروقة لناحية نوعية الغراس وسبل الاهتمام بها ،فليس بزراعة الغراس فقط نرمم المواقع المحروقة ولا بدّ من الاهتمام بالغراس ولو أن عملية الغراس وحدها تكفي لكانت سورية أصبحت غابة بالكامل لو حسبنا عدد الأشجار التي نزرعها سنوياً .
الغابات تهددها الحرائق وتلتهم منها مساحات كبيرة سنوياً وباتت عملية التفحيم تنافس الحرائق في القضاء على المساحات الخضراء ولابدّ من وضع حدّ لذلك وخيار السماح بتوريد الفحم أهم خيار لإنقاذ غاباتنا من الاندثار .
الغابات رئة العالم وعندما تتعرض الرئة للإصابة فإن كل وظائف الجسم تضطرب وهذا ما نلمسه اليوم من ظواهر طبيعية مدمرة وموجات الحر التي نشهدها اليوم ليست إلا واحدة من آثار انحسار الغابات في العالم وما علينا سوى انتظار المزيد من المآسي مع التطنيش ولعب دور المتفرج العاجز .