بقلم أمين التحرير _تاصر منذر:
تضفي الولايات المتحدة بسياساتها المتغطرسة المزيد من التشابك السياسي على المشهد الدولي، ما يرفع من سخونة أجواء الحرب الباردة الذي يعيشها العالم اليوم، والمهيأة للانفجار بأي لحظة، التمادي الأميركي والصهيوني في العدوان على سورية ودول محور المقاومة، قد يدفع نحو حرب شاملة لن تكون بالضرورة بمصلحة منظومة العدوان، ودفع الأدوات والعملاء لارتكاب المزيد من الحماقات لن يولد سوى هزائم جديدة تطيح بما تبقى من المشروع الصهيو-أميركي، والاستفزازات الخطيرة تجاه روسيا لن تكون بكل تأكيد في مصلحة الأمن الأوروبي الرازح تحت مظلة الحماية الوهمية الأميركية، والتحرش المتصاعد ضد الصين لن ينتشل إدارة الإرهاب الأميركي من قاع مآزقها السياسية والاقتصادية والانتخابية، وكل تلك النزعات العدوانية مجتمعة لن تقود أميركا سوى إلى المزيد من التخبط والإرباك على طريق تفكك عوامل قوتها الغاشمة وهيبتها المتهالكة.
أينما تحل أميركا غازية ومعتدية، تحضر أدواتها وعملاءها، وكل حوامل مشروعها الاستعماري، تضع استراتيجيات قذرة كلما ضاقت خياراتها بفعل ما يفرزه الميدان من معادلات قوة يفرضها الطرف المستهدف بعدوانها، هذا يحصل في سورية، فعندما تنتقل إدارة ترامب- كما سابقتها- من فشل إلى آخر، نرى هذا التمادي في العدوان الذي يأخذ أشكالاً وعناوين متعددة، آخرها الاتفاق الموقع بين مرتزقة “قسد” وشركة نفط أمريكية لاستكمال سرقة النفط، بهدف زيادة مفاعيل “قيصر” الإرهابي، وهذا يعطي بعداً آخر لسياسة اللصوصية التي تنتهجها الولايات المتحدة، التي تستخدم أدواتها “قسد” و”داعش” في أعمال النهب المبرمجة لثروات السوريين، تماماً مثلما تستخدم أجيرها العثماني لتنفيذ المخطط الصهيوني الرامي لمحاولة تقسيم سورية بما يضمن حماية الكيان الغاصب، ويسهل له تمرير مشاريعه التوسعية في المنطقة.
ترامب يقود العالم نحو المزيد من الانقسام لمصالح انتخابية بحتة، هذا رأي العديد من المحللين والمسؤولين الأميركيين أنفسهم، سيِّئ الصيت جون بولتون قال عنه: “إنه عديم الأخلاق، ويركز اهتمامه على كل ما يساعده في إعادة انتخابه لولاية ثانية”، وهنا لا نستغرب الهجوم المسعور ضد بكين، والذي يقوده البلطجي بومبيو كما وصفته وسائل الإعلام الصينية، ولا نستغرب أيضاً إعلان وزير الحرب مارك إسبر عن إرسال ألف جندي أمريكي إضافي إلى بولندا، “لاحتواء” روسيا كما زعم، طالما أن هدف إدارة الإرهاب الأميركية في هذه المرحلة الدفع نحو إشعال الحروب الخارجية لخلق ذريعة أخرى لتأجيل الانتخابات الرئاسية، وسبق لترامب مؤخراً أن اقترح تأجيلها بسبب كورونا، ومخاوف من حصول تزوير بعمليات التصويت الإلكتروني كما ادعى، ولكن هل يدرك ترامب والمتطرفون الجدد في البيت الأبيض المخاطر العالمية المترتبة على الجنوح نحو التصادم مع قوتين عظيمتين كروسيا والصين؟، فبكين ترد بالمثل على أي خطوات استفزازية، وهي على استعداد دائماً للرد كما تؤكد، وموسكو أعلنت على الفور أنه كلما زاد عدد الجنود الأميركيين وحلف الناتو في أوروبا، كلما قل الأمن هنالك، وبأنها تمتلك الموارد الكافية لتعزيز قدراتها بقصد المواجهة، فهل فكرت أميركا بالعواقب؟ وماذا لو شكلت روسيا والصين ومعهما الدول الرافضة لنهج الهيمنة الأميركية، وفي مقدمتها المحور المقاوم في المنطقة قوة ردع مشتركة، ألن تترسخ أكثر خارطة موازين القوى الجديدة التي ترسم ملامح النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب؟، بكل تأكيد هذا سيحصل، وأميركا وأتباعها وعملاؤها هم المهزومون.