ذكر مرةً المدوّن الفرنسي الشهير ميشيل دي مونتين: “تحفتنا العظيمة والمجيدة هي العيش في الوقت المناسب”..
عن أي وقت مناسب تحدث دي مونتين..؟
نخشى أنه في انتظارنا لهذا الوقت المناسب ربما ضيّعنا كل الأوقات.. ومرّ الزمن مهدوراً لاقتناص فرصتنا بعيشه..
ربما أراد “دي مونتين” لفت انتباهنا على أنه لابد من تعلّم مهارة خلق فرصة العيش في كل الأوقات مهما كانت قاسيةً في الحصول على تدفق حيويتها.. أو عصيةً في إمساك جوهر نبضها.
كيف لنا إنعاش ذلك النبض حين ينوس عن إيقاعه المعتاد..؟
في لقاء مع أندريه كونت سبونفيل، أحد فلاسفة السعادة المعاصرين، تحدث عن العيش في الواقع أكثر منه في الخيال قائلاً: “الحكمة الحقيقية ليست في حب السعادة ولا في حب الحكمة لكن في حب الحياة سعيدة أو حزينة، حكيمة أو لا”.. مستشهداً بقول دي مونتين “بالنسبة لي أنا أحب الحياة”..
ويبدو أن جل مأساة “الآن وهنا” هي في الانغماس عميقاً في طمي الواقع.. ونسيان أن ثمة ما يمكن علاجه بأداة “الخيال”..
لعل قول سبونفيل يتماشى وعدم الانفصال عن الواقع.. ومحاولة مجاراته مهما تلبّس من صعوبات تقاوم جمالياته..
هكذا وجب على كلّ منّا أن يُقبل على نفسه تغييراً..
وجب علينا أن نُداهم الحياة حبّاً على الرغم من بشاعة ظروفها.. ووجب الاستماع إلى كلام بطلة فيلم (ليلة الخروج للأمهات) التي لا تشعر بالسعادة ولا بالرضا عن حياتها.. ثم تكتشف أن عليها تغيير نفسها وليس ظروفها كي تحب حياتها وما هي عليه..
وجب أن نتعلّم أن نكون أحياءً في كل لحظة تمرّ من عمرنا.. ونجعلها مملوءة بالاستمتاع بنبض حضورها وتدفقه إلى بواطن كنوزها..
وأن نتقن مهارة خلق أوقات مناسبة حتى في أكثرها بشاعةً..
فواقع حياتك ليس رهين تصورات يرسمها الآخرون.. بل ما تبرع تصوراتك في إنضاجه وفق مقاس سعادتك وحدك.
رؤية- لميس علي