الثورة أون لاين -منهل إبراهيم:
نتذكر النبرة الهجومية الحادة من ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في افتتاح مؤتمر الحزب الديمقراطي حيث وجهت الانتقاد الحاد إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، معتبرة أنه رئيس غير كفوء يُظهر “افتقارا تاما للتعاطف”.
ودعت حينها لانتخاب المرشح الديمقراطي جو بادين في اقتراع الثالث من تشرين الثاني المقبل.
وقالت ميشيل أوباما: “في كل مرة نلتفت إلى البيت الأبيض بحثا عن بعض القيادة أو المواساة أو أي مظهر من مظاهر الثبات، لانرى سوى الفوضى والانقسام والافتقار التام والمطلق للتعاطف. أنا أعرف جو بايدن. لقد كان نائباً رائعاً للرئيس هو يعرف ما يتوجّب فعله لإنقاذ الاقتصاد والتغلّب على الجائحة ورسم الطريق لبلادنا”.
وفي محاولة منه لخطف الأضواء من المؤتمر الديموقراطي حينها، ألقى الرئيس ترامب خطابا قرب سكرانتون في بنسيلفانيا، البلدة العمالية حيث نشأ بايدن، بالتزامن مع أهم لحظة في المسيرة السياسية لمنافسه. وهنا وبعد أشهر من ادعاءه بأن التصويت عبر البريد أثناء جائحة كورونا قد يساعد على تزوير الانتخابات، شكك ترامب في العملية الانتخابية، مدعياً بأن الطريقة الوحيدة لخسارته شخصياً في الاستحقاق الرئاسي المقبل هي أن تكون انتخابات مزورة.
وقال ترامب في كلمته: “الطريقة الوحيدة لخسارتنا هي أن تكون انتخابات مزورة لهذا علينا أن نكون على حذر شديد للغاية، لا يمكننا اللعب، اخرج وصوتّ، وتأكد من احتساب صوتك”.
وكعادته لم يتوان ترامب في الهجوم على منافسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن، واصفا إياه بالمتهالك وغير القادر على مواجهة زعماء الدول المحنكين، محذرا من أن فوز بايدن سيجعل الصين تتملك الولايات المتحدة.
ولا يوجد دليل على أن الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الأول المقبل تنطوي على احتمالية حدوث تزوير على نطاق واسع، ومن شأن تصريحات ترامب عدم فعل الكثير لتخفيف المخاوف من أنه لن يكون على استعداد لقبول نتائج الانتخابات إذا جاءت لصالح خصمه.
ومع فوز جو بايدن رسمياً بترشيح حزبه الديموقراطي لمنافسة ترامب في الانتخابات الرئاسية التي يقترب موعدها تزداد سخونة المعركة الانتخابية بين ترامب وخصومه الديمقراطيين الذين يرون بقائه في البيت الأبيض كارثياً لأميركا.
ولكن المراقب لتصريحات ترامب سيعلم أن الأخير لن يغادر البيت الأبيض بسهولة في حال خسارته ، وتشكيكه في العملية الانتخابية قبل حدوثها حتى، وتأكيده على أنه لن يخسر الانتخابات إلا إذا كانت مزورة، جميعها دلائل وقرائن على أنه يبيت الشر.
تشكيكات ترامب بالعملية الانتخابية، سبقها قبل أيام تحذير على درجة كبيرة من الخطورة لهيلاري كلينتون، المرشحة الرئاسية الديمقراطية السابقة، من أنها تعتقد أنه في حال خسارة ترامب الانتخابات ضد نائب الرئيس السابق جو بايدن، فإن الرئيس لن يرحل “في هدوء”.
هيلاري قالتها صراحة: “لا أرغب في إخافة الناس، لكنني أريدكم أن تستعدوا. لديّ ما يكفي من الأسباب للاعتقاد بأن ترامب لن يرحل في هدوء إذا خسر الانتخابات. إذ سيحاول إرباكنا ورفع مختلف الدعاوى القضائية، وصديقه المدعى العام وليام بار جاهزٌ لفعل كل ما هو ضروري من أجله”.
دعوة هيلاري للناس للاستعداد ماهي إلا إشارة إلى انه من غير المستبعد أن تدخل أمريكا في حرب أهلية جديدة، خاصة في ظل توافر مقومات ودلالات تشكل أرضية ساخنة قد تساعد على تفجر حرب أهلية في الداخل الأمريكي، فالأميركيين لم ينسوا تهديد ترامب لهم عام 2019 عندما حاول الديمقراطيون عزله، وقال حينها: “في حال نجح الديمقراطيون بعزل الرئيس سنشهد اندلاع حرب أهلية من شأنها تقسيم البلاد”.
كما أن ترامب لم يحاول يوما إخفاء عنصريته، ودفاعه المستميت عن حق الأمريكيين في حيازة الأسلحة، رغم ازدياد معدل الجريمة في عهده، ما هو إلا رغبة منه لتسليح أنصاره، ومن المعروف للجميع أن السلاح منتشر بكميات كبيرة داخل الولايات المتحدة ، كما أن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الداخل الأميركي نتيجة وباء كورونا وسوء تعامل إدارة ترامب وازدياد استخدام القوة في قمع المتظاهرين، وعنصرية الشرطة تجاه أصحاب البشرة السمراء كلها دوافع قد تكون سببا في نشوب حرب أهلية مدمرة في أمريكا، وترامب اليوم يشكل أهم عامل وشرارة لإشعال هذه الحرب.