اعتبرها الكثيرون مبادرة شجاعة في ظل الظروف الحالية وبالأخص أنها المرة الأولى التي يطلب فيها وزير في الحكومة ترشيح من يرى بنفسه المواصفات المطلوبة لتولي مكان مهم في وزارته ليكون معيار الاختيار في تلك المفاضلة ما يمتلكه هذا المرشح من مؤهلات علمية وفنية وخبرة عملية، لكن نخشى ما نخشاه أن تتحول هذه المبادرة لمناقصة تتداخل فيها أيادٍ من الداخل والخارج.
بكل الأحوال دعونا نتفاءل بالأسلوب الجديد لاختيار المديرين في أي وزارة أو مؤسسة حكومية والذي من شأنه أن يتماشى مع مسار الإصلاح الإداري المفترض تنفيذه وفق أسس محددة أولها التخصص إضافة للخبرة ليطبق بالفعل شعار “الرجل المناسب في المكان المناسب” وهذا بحد ذاته كفيل بفتح أحد أبواب تنفيذ الإصلاح الإداري .
ففي كل مرة نتحدث عن أهمية وضرورة تحديث هياكل مؤسساتنا الحكومية لمعالجتها من أمراضها وتجاوز حالات الركود والسعي لخلق ثقافة جديدة لمفهوم الإصلاح الاداري بعيداً عن المحسوبيات والمصالح الضيقة للبعض لتأسيس حقبة جديدة في البلاد تعتمد على الشفافية والمسؤولية والكفاءة .
نتفق جميعاً أن المشروع الوطني للإصلاح الإداري أُطلق في أصعب الظروف لكن ذلك لا يمنع من المتابعة الدورية لمراحل تنفيذه وفق البرنامج الزمني المحدد كونه الحامل للتنمية بل إن محاربة الفساد مرهون أولاً واخيراً به .
فأي اصلاح مهما كان نوعه يحتاج إلى الجرأة والمسؤولية ووضوح الرؤية وبالتحديد الإصلاح الإداري كون النمو الاقتصادي مرهون به لذلك يجب أن يكون لدى الجميع قناعة راسخة بأهميته وهذا يحتاج لتأهيل القيادات التي تتولى المناصب الحكومية ومنحها مزيداً من الصلاحيات المطلقة للتخلص من البيروقراطية في الجسد الحكومي التي تهدد الأداء والعمل .
في الواقع لا مجال بالوقت الراهن للتنظير وتحديداً لمشروع بحجم الوطن والأهم من كل ذلك العمل على ردم الفجوة الحالية والانطلاقة الصحيحة لوضع حد لتلك العوامل التي تؤخر تنفيذه خاصة وأنه- أي المشروع الوطني للإصلاح الإداري- يؤسس لعملية النهوض الشامل في كافة المجالات لإعادة القطار لمساره الحقيقي واعتماد الشفافية والحوكمة الرشيدة التي ستقف سداً أمام المنتفعين والمتسلقين .
الكنز- ميساء العلي