عندما نتحدث عن منظومة العدوان والإرهاب التي تشن حربها المسعورة على سورية بقيادة الولايات المتحدة، فهذا يستدعي استحضار الأدوار العدوانية التي نفذتها، ولم تزل تنفذها الدول والحكومات الغربية والأنظمة الإقليمية والمستعربة المنضوية تحت راية هذه المنظومة، وهي كثيرة جدا، ولكل منها أهدافها وغاياتها الاستعمارية، وتصب جميعها في خدمة الكيان الصهيوني ومشروعه التوسعي، وهنا يبرز الدور البريطاني والفرنسي والهولندي والبلجيكي والألماني وغيرها، في سياق المهمة القذرة الموكلة للدول الأوروبية المرتكزة معظمها على تاريخ استعماري بغيض، وكذلك الدور التركي الذي ينفذه نظام أردوغان ويستوحي جرائمه من التاريخ الدموي للإمبراطورية العثمانية البائدة، إضافة إلى دور بعض الأعراب ممن يستمرئون الغدر والخيانة، والتبعية والارتهان لأعداء الأمة التاريخيين.
رعاة الإرهاب لطالما انتقلوا إلى مراحل متقدمة في غيهم وغطرستهم عند كل فشل أو هزيمة جديدة تمنى بها مخططاتهم بفعل الصمود السوري، وهذا بدا واضحا في العديد من مراحل الحرب الإرهابية، في الميدان كانوا يسارعون لنجدة إرهابييهم في كل مرة يتقهقرون فيها، يزودونهم بأسلحة أكثر تطورا وفتكا- بينها “الكيميائي”- ويفبركون روايات كاذبة ومسرحيات هزلية لإلصاق تهم باطلة بالجيش العربي السوري لعرقلة تقدمه، وحماية مرتزقتهم، وفي السياسة فخخوا كل مسارات الحل السياسي، ولم يتركوا منظمة أو هيئة أممية إلا وامتطوا سرجها بهدف الضغط والابتزاز، وعندما وصلوا إلى مرحلة العجز والإفلاس انتقلوا إلى مرحلة الإرهاب الاقتصادي، يحاربون من خلاله المواطن السوري بلقمة عيشه ودوائه، وحتى بقطرة المياه التي تروي ظمأه، ولو استطاعوا قطع الهواء عنه لفعلوا.
منظومة العدوان لم تزل حتى اليوم تراكم أدوارها القذرة، وتتدرج بممارسة إرهابها الممنهج، وهذا دليل إضافي على عجزها، وفشلها في فرض المشروع الاستعماري الذي جندت له الولايات المتحدة كل أدواتها وعملائها، كل رهانات واشنطن سقطت، بما فيها عكاز الإرهاب، والشيء الوحيد الذي باتت تراهن عليه اليوم هو ” قيصرها” الإرهابي ومستنسخاته، لمواصلة حصار السوريين وتجويعهم، وحزمة العقوبات الجديدة التي أعلنتها وزارة خزانة الإرهاب الأميركي بالأمس، وأضفى عليها المنافق بومبيو سلسلة أكاذيبه المعتادة، هي تأكيد على استمرار سياسة البلطجة الأميركية، والتي يستكملها النظام التركي لتكون مفاعيل ” قيصر” أشد وطأة على الشعب السوري، وما قامت به مؤسسة الحبوب التركية “تي إم أو” من عمليات نهب لمحاصيل القمح والشعير من منطقة الجزيرة السورية بالتعاون والتنسيق مع الإرهابيين، لا يخرج عن سياق الدور الوظيفي للص أردوغان باعتباره إحدى الأدوات الأساسية في المشروع الأميركي.
كثيرة هي الأدوار التي مارستها الدول والحكومات والأنظمة المنخرطة بالحرب الإرهابية، ولكنها عجزت كلها عن تحقيق أجنداتها السياسية، بريطانيا لم تجن من وراء دعمها اللامحدود للإرهابيين – والذي تكشفه الوثائق المسربة تباعا اليوم – سوى إضافة المزيد من الجرائم إلى سجلها الأسود، وذات الشيء ينطبق على فرنسا، كذلك فإن الدول الأوروبية مجتمعة لم تجن من وراء عقوباتها الجائرة والمتماهية مع سياسة البلطجة الأميركية سوى انكشاف زيف ادعاءاتها وشعاراتها الإنسانية التي تتشدق بها ليل نهار، وأيضا بدعمها المتواصل للإرهاب كشفت للعالم أجمع عن وجه الغرب القبيح.
كلمة الموقع – ناصر منذر