كثيرة هي التصريحات الأوروبية والغربية التي تندد بخطوات رئيس النظام التركي رجب أردوغان العدائية في شرقي المتوسط والقوقاز ومنطقتنا العربية، ولكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحناً، فسرعان ما نشاهد ترجمة تلك التصريحات بشكل يساوي الصفر، إن لم نقل تشجيعه على المضي بسياساته الحمقاء التي وترت الأجواء بين الدول، وسعرت الحروب بينها، لتنفيذ أجنداته العثمانية البالية وتحقيق أطماعه بثروات المنطقة برمتها.
ومثل هذا الكلام تؤكده تصريحات أكثر من مسؤول في الاتحاد الأوروبي وبعض العواصم الغربية، ممن يسربون يومياً المعلومات الموثقة بالدليل والصورة عن تورط نظام أردوغان العدواني في تأجيج الأوضاع في إقليم ناغورني كراباخ، ونقله للمرتزقة من سورية إلى هناك بواسطة شركات أمن تركية خاصة، ثم ينددون بتسببه بسقوط مئات الضحايا في غضون أيام قليلة فقط، ولكننا لم نر مسؤولاً واحداً يطالب بمحاسبته أو اتخاذ قرار عملي يردعه ويوقف عدوانه.
اللافت في الأمر أن أكثر من دولة أوروبية وغربية اتخذت المواقف ذاتها ولكن دون أي مفاعيل عملية على أرض الواقع وكأنها تريد أن تقول لأردوغان استمر بأفعالك، ونحن سنكتفي بالإدانات، وبمعنى آخر استمر بإشعال الحرائق من المتوسط إلى القوقاز ولن ننسف خططك لأنها في نهاية المطاف تحقق أطماعنا الاستعمارية، ولأنها تتقاطع مع أجنداتنا في تطويق روسيا ونحن نبارك هذا التقاطع لأننا أساساً أتباع أميركا وأدواتها المخلصين.
هذا النفاق الغربي يكاد يظهر يومياً في الساحة الدبلوماسية والإعلامية الغربية، فألمانيا تحذر أنقرة من مواصلة استفزازاتها شرق المتوسط وإرسالها سفينة للتنقيب عن الغاز الطبيعي وتصعيدها التوتر مجدداً مع اليونان، ولكن حكومتها لم تتخذ خطوة عملية واحدة للجم هذا التدخل التركي السافر، باستثناء تضامنها المزعوم مع اليونان.
ولا نحتاج هنا إلى كثير عناء لفك رموز هذه العلاقة، فتركيا هي عضو في حلف الناتو، وتشكل جناحه العسكري الجنوبي وتحرس بوابته المؤدية إلى البحر الأسود، ويستخدمها الحلف كمطية بوجه روسيا، وتعتبرها واشنطن أداتها الأولى في تنفيذ أطماعها في المنطقة، ولذلك فالمزاعم عن إثارة السياسة العدوانية لتركيا غضب الغرب ليست إلا كذبة كبيرة لا وجود لها إلا في قواميسه التضليلية.
بقلم مدير التحرير أحمد حمادة – من نبض الحدث