من الواقع الحياتي الذي نراه ونعايشه عن قرب ندرك الحقيقة التي لا تحتاج إلى شرح أو تظهير، فهناك معاناة بالجملة تحاصرنا كمجتمع ودولة وشعب نتيجة ظروف مختلفة داخلية وخارجية لم تعد خافية على أحد وبات يعرفها الصغير والكبير.
فعلى مرأى العين وأينما تجولت في أسواق بلادنا مدينة وريفاً تشعر بكثير من الراحة والاطمئنان لما توفره أرضنا الطيبة من خيرات متنوعة، خضار وفاكهة على مدار فصول السنة إلى جانب منتجات وسلع نباتية وحيوانية تتصدر المخازن والصالات التجارية رغم كل سنوات الحرب المريرة وما أفرزته من ظلم وجور وقهر طال كل عتبات النفس المادية والمعنوية.
لكن موجات الغلاء المتصاعدة بلا قيود أو ضوابط أخلاقية ووطنية، وبروزنامة شبه يومية جعلت خيبة المواطن تكبر وتتعمق ألماً ووجعاً ضاق الصبر عن تحمله، فالجيوب باتت شبه فارغة عند العديد من أبناء المجتمع حيث الرواتب والأجور لم تعد تغطي بالكاد أكثر من سلعة أو حاجة ضرورية من متطلبات العائلة والمنزل لأيام معدودة من الشهر.
ومع ذلك مازال المواطن السوري بطبعه وأصالته وعمق وعيه يقدر ما يجري له وحوله من كل الاتجاهات، بدءاً من قلة الموارد التي كان يمتلكها وباتت تسرق وتهرب على الملأ من قبل اللصوص والتجار والإرهابيين لمن لايستحقها خارج الحدود أو داخله مع حصار عالمي لدول استعمارية رجعية مستبدة اعتادت الرقص على قهر الشعوب ونهب خيراتها، فكانت أكبر تجاربها المظلمة بفنون تجويع الشعب السوري ومحاولة تركيعه اقتصادياً بعدما أفلست من تنفيذ أجندات كل البنود الأخرى من الميدان إلى السياسة والتجذر بالأرض.
إن ضيق ذات اليد تخطف اليوم تلك الفرحة من عيون اعتادت على بحبوحة العيش في مساحة أمان وسلام ووفرة، لكنها تبقى حالمة ومتأكدة وعلى أمل أن يعود كل الأخضر والأصفر على امتداد مساحة جغرافية الوطن، فمهما طال ليل الظلام لابد للقيد أن ينكسر والسوريون عازمون على تحطيم كل مشاريع الهيمنة والسيطرة، ولنا في الدماء الطاهرة العنوان الأكبر.
عين المجتمع- غصون سليمان