أيام وتحسم الانتخابات الرئاسية الأميركية هوية ساكن البيت الأبيض، وسواء فاز دونالد ترامب أم خسر، أو تسلم جو بايدن المهمة أو انسحب، فإن القضية المحسومة في ذهن شعوب العالم، والبديهية التي لم يعد ينكرها أحد في هذه المعمورة، هي أن السياسة الأميركية العدوانية ستبقى تدور في حلقة إرهابها للدول والحكومات والشعوب التي لا تروق لها سياساتها وتوجهاتها.
فليتبارز ترامب وبايدن، وليقل كل منهما ما يريد، وليتهم أحدهما الآخر بكل أنواع الاتهامات الأخلاقية والسياسية، وليستثمرا بنزاعات الدول وحروبها، وليستجديا تطبيع المهرولين نحو الكيان الصهيوني دون أي تنازل أو إعادة للحقوق المغتصبة، فكل هذه القضايا هي محور الانتخابات الأميركية كل أربع سنوات، تتكرر سطورها وإن اختلفت عباراتها ومصطلحاتها وعناوينها.
ولعل المتغير الوحيد في هذا المشهد الأميركي اليوم، هو تلك المتغيرات التي تعصف بالعالم ولا تريد واشنطن أن تقر بها أو تراها أو تعترف بها، بل تغمض عينيها عنها وكأنها لم تحصل بعد، فلا الجمهوريون ولا الديمقراطيون يقرون حتى الآن أن روسيا عادت إلى وزنها الدولي الذي سيعيد التوازن إلى المشهد العالمي، ولا يدركون حقيقة أن موسكو ستقترن أقوالها بالأفعال، ولن تسمح للبلطجة الأميركية أن تستمر كما كانت خلال عقود.
لا الجمهوريون ولا الديمقراطيون يستوعبون اليوم بأن متغيرات العالم أتت بالصين إلى الواجهة، وجعلت من أوروبا تحاول الابتعاد عن سياسات واشنطن الشريرة، وأن ذلك حفر عميقاً في المشهد الجديد، وكلا الحزبين لم يستوعب بعد أن أزمات الولايات المتحدة الاقتصادية العميقة ومديونيتها الهائلة ستصيبها بمقتل، وكلاهما لم يدرك بعد أن امتلاك دول عديدة للأسلحة الذكية وقدرتها على خوض الحروب غير التقليدية كالحروب السيبرانية قلب المفاهيم القديمة برمتها.
لم يدرك الجمهوريون ولا الديمقراطيون بعد أن دولاً صاعدة لديها مشروعها العالمي وأنها ستربط القارات من جديد عبر (طريق حرير) جديد يجعلها في القمة ويعيد إلى لوحة المعمورة توازنها، ومثل هذا الكلام ليس من بنات أفكارنا أو شطحة من خيالنا، فمبادرة (الحزام والطريق) باتت قاب قوسين أو أدنى من التطبيق، وما محور مكافحة الإرهاب، ومحور المقاومة، والتعاون في غير مكان من هذا العالم، للحفاظ على أمنه واستقراره وسلامه وازدهاره، إلا أحد التجليات القائمة والمعبرة عن هذا الواقع.
من نبض الحدث – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة