لم يترك السوريون لوحة من لوحات الحياة إلاُ وغزلوا فيها قطبة مميزة تعكس حيويتهم وقدرتهم على التفاعل مع ألوان الطيف الاجتماعي والحياتي الذي يضيء على مزايا ومستويات إبداعية ثقافية، فنية، اجتماعية، اقتصادية يشهد لها الكبير والصغير.
امتهن العديد من السوريين روح النكتة كنافذة مفتوحة لفك عقد الضيق والتوتر والقلق في كثير من الأوقات الحرجة، واختاروا جسور الألفة والمحبة بطرح العديد من المبادرات التي تناسب واقع المجتمع ومدى حاجته إليها كحالة إسعافية طارئة ترمم جراحات الناس وتطوق وجع الحدث، فهي لابد أن تفعل فعلها مهما كانت نتائج البلسمة متواضعة.
مارس السوريون طقوس وعيهم وصقلوا مفردات إدراكهم، وقدموا في بيادر حقولهم المختلفة مزايا نتاجهم العملي والمعرفي الإنساني والحضاري، بما أبهر ويبهر عيون المتابعين داخل الحدود وخارجها.
سوريون كثر لم يقتنصوا الفرص السلبية ليبنوا أمجادهم الشخصية ويزيفوا بطلاء الغش ألوان وجوههم.. بل كانوا صناع رأي يعتد به و قدرة على اختراع الفرص الإيجابية والمواقف والحضور الصادق والأمين الذي غيروا من خلاله وصححوا اعوجاج ما عمل عليه البعض الآخر من تمرد واستغلال ونفاق..
سوريون وسوريات تأقلموا مع ظروفهم الصعبة وخاضوا امتحان الوجود بأقل الخسائر وأعلاها، لم يتنكروا لواقعهم بكل تشعباته، لم يستسلموا لليأس والإحباط فهو سلاح الضعفاء إرادة وعملاً.. قاوموا كل ماطرأ عليهم من مسميات ملتبسة ومغلفة بأساليب الكذب والخداع، اكتشفوا مراميها وأهدافها منذ اللحظات الأولى لكل أمراض الفورة الخرافية المزمنة.
وقفوا بقوة الحق، لاحق القوة في وجه مجرمي العصر الذين لايشبهون سلوك البشر في شيء.. كانوا أشداء وعظماء، عرفوا طريقهم الأبيض من الأسود وخاضوا معابر النجاة كسورييين أصلاء يعرفون مفاتيح حقهم الإنساني والاجتماعي والحياتي..
فرغم كل ما تبدل وتغير وبدت مساحات الأمل تضيق وتطفوا على السطح المعيشي اليوم، إلا أن ثمة عاصفة وجدانية تقول لاتقنطوا من رحمة الله، وأن تداعيات الحرب العدوانية اللعينة لابد أن تنتهي.. ومن كفكف جراح الوطن لابد أنه منتصر.
عين المجتمع- غصون سليمان