عادة.. تضع الدول في مناوراتها السياسية بيضها السياسي في سلل متعددة، خوفاً من تكسره دفعة واحدة في أي صدام أو فشل دبلوماسي أو سياسي أو حتى عسكري… فما بالكم إن كانت هذه الدول لاتملك إلا بيضة سياسية واحدة تنقلها من سلة لأخرى، وتصيح على بضاعتها في أسواق فشل السياسة الخارجية.
قد يكون الاتحاد الأوروبي هو المثال الأوضح لتجارة البيضة الواحدة والأكثر لفتاً في بشاعة أدائه ليس للمناورة بل للعرض والاستعراض بعد أن أصبح تابعاً بقراره لواشنطن حد فراغ سلله السياسية والسيادية أيضا.
لذلك وأكثر نجد أوروبا دائماً خلف المقعد الأميركي في كل إجراء وتصرف، خاصة في العقوبات على سورية فإن قررت أميركا العدوان أطاعت أوروبا، وإن ذهبت أميركا للتفاوض والابتزاز نجد الأوروبيين يبحثون عن ثقب سياسي للوصول إلى طاولة المفاوضات أينما كانت وخاصة في المنطقة… ومن خرج منهم عن الطاعة لاحت له الستر الصفراء كما لاحت لماكرون ووضعت عصاة الاحتجاجات فوق رقبته.. هل تذكرون عندما اقترح الرئيس الفرنسي جيشاً موحداً لأوروبا حينها فاضت فرنسا وغرقت بالستر الصفراء!!.
لذلك وأكثر نجد الاتحاد الأوروبي يدخل في سمفونية عقوبات قيصر كالكورس في هذا العزف الشاذ والنشاز للواقع الدولي.. وهذه المرة ليس فقط بالبصم الأعمى على العقوبات الاقتصادية ضد سورية بل بمحاولة استهداف الأعلام السوري الوطني وحجبه عن الأقمار الأوروبيه من قبل إدارة اليوتلسات.. هذا الإعلام الذي اخترقت رصاصات الإرهاب أجساد مراسليه وأقلامهم، وهم ينقلون الحقيقة رغم كل محاولات حجبها.
هذه هي بلد الحريات والرأي الآخر والديمقراطية الأوروبية التي وصلت قنواتها الإعلامية يوماً حد الاعتراف بأخبار داعش والنصرة، واعتبارها مصدراً للمعلومة وتناقلها والترويج والاعتماد على شخصيات إرهابية للتصريح للوكالات العالمية!!.
لم تتقلص ظاهرة القنوات المتطرفة وبثها على كل الأقمار الغربية إلا بعد تضائل دور المنظمات الإرهاب لصالح تواجد الاحتلال الأميركي والتركي لسورية، وبعد أن (شرعنت) داعش وجود التحالف الدولي بحجة محاربتها.. عندها فقط أهملت أخبار وكالة (اعماق) التابعة لداعش…
فعلا ليس غريباً أن يقوم الاتحاد الأوروبي بمعاقبة القنوات السورية وحجب ما تنقله وتفضحه من جرائم الحصار الاقتصادي والإرهاب الغربي.. فعلى الهواء مباشرة عراهم البث السوري ويحاولون اليوم معاقبة هذا الهواء.. وعلى الهواء مباشرة فضح الإعلام السوري الدور الأوروبي التابع لواشنطن.. وتلك البيضة السياسية الوحيدة لأوروبا والتي تنقلها بين سللها السياسية والعسكرية الفارغة من أي قرار.. البيضة التي تركتها واشنطن لحفظ ماء الوجه الأوروبي.. ولكن الاتحاد الأوروبي وضعها اليوم في سلة الحرية المثقوبة!!.
البقعة الساخنة – عزة شتيوي