لم يكن قرار زيادة سعر طن الإسمنت بشكل كبير مؤخراً، وقبله بفترة ارتفاع البنزين وسكر ورز البطاقة الذكية والخبز إلا إضافة لسلسلة قرارات اتخذتها الجهات المعنية كما دائماً بالوقت الخطأ ودون أي نظر لتأثيرها الكارثي ومساهمتها في زيادة الضغوطات الاقتصادية والمعيشية على حياة المواطنين.
عامل اختيار الوقت المناسب وغياب بوصلة العمل والأولويات سواء للمشاريع أم البرامج أم الخطط التنفيذية السريعة التي تتطلبها المرحلة الحالية أو كل مرحلة حسب ظروفها واحتياجاتها كانت ومازالت نقطة الضعف الواضحة في عمل الأجهزة التنفيذية لذلك تلقف الناس أي توجه وقرار رغم الحاجة لاتخاذه بهذه المرحلة ربما أو تلك بالانتقاد والسخرية ولاسيما مع تلك السرعة التي ترافق صدور القرارات الضاغطة اقتصادياً على الناس كما حصل مؤخراً عند اتخاذ قرار زيادة سعر الإسمنت، حيث أوصت الصناعة بالرفع واجتمعت اللجنة الاقتصادية بنفس اليوم مستجيبة للتوصية وعندما يتعلق الأمر بأي توجه لتسهيل حياة الناس تشكل اللجان التي لا تنتج الحلول.
صحيح أن عامل المفاجأة فقد عند المواطن من مثل هذه القرارات كونه بات يتوقعها ولا ينتظر أن تحمل فرجاً أو تخفيفاً لمعاناته وضيق مساحة العيش والقدرة على التحايل على الأوضاع الصعبة لتأمين أبسط مقومات الحياة غير أن الوضع بات فوق طاقته على تحملها ولاسيما مع تغاضي المسؤولين عن تقديم مبررات واقعية واقتصادية للمواطن لا بل وحرصهم على صدورها في أحلك الظروف.
ومع كل ما تقدم نستغرب فعلاً استغراب ودهشة المسؤولين والجهات التنفيذية من اتساع هوة فقدان الثقة مع المواطن وعدم تقديره للجهود الكبيرة التي تبذل لخدمته على حد زعمهم في وقت لم تستطع الأجهزة التنفيذية إلزام الوزارات والمؤسسات المعنية ترجمة توجهاتها المكررة لهم باتخاذ كل مايلزم لخدمة وتحسين واقع المواطن.
ويساق هذا الوضع على العديد من الملفات والقضايا التي ينتظر المواطن تغييراً جذرياً في التعاطي معها وفي مقدمها عدم الاكتفاء بإنجاز إقالة مسؤول فاسد، وإنما محاسبته على فساده وتخريبه وأعتقد أن التساهل أو التعامل بخجل مع هذا الملف هو من ساهم في تفاقم وتفشي الفساد، واتساع مساحة العمل بحرية ووقاحة من قبل الفاسدين، وبالتوازي مع ذلك فإن المسؤول الذي يعمل على تصدير قرارات في وقت سيىء وغير مدروس لا يقل بتأثيره وتخريبه عما يمارسه الفاسدون من أعمال تنال من صمود وقدرة البلد والمواطن على مواجهة أشد الضغوطات التي تمارس عليه.
الكنز – هناء ديب