تمر اليوم السادس والعشرين من كانون الأول/ 2020 الذكرى السنوية 46 على رحيل الموسيقار فريد الأطرش، وفي هذه المناسبة سأحاول التركيز على الالتباس الذي وقع فيه بعض الذين تحدثوا عن معزوفة “استورياس” التي قام فريد الأطرش بتعريبها وتوزيعها بطريقة جديدة، حين عزفها على أوتار عوده الساحر، بمصاحبة البيانو، وذلك في مقدمة أغنيته حكاية غرامي، المصورة سينمائياً، بطريقة تحقق عناصر الإبهار السمعي والبصري، في فيلم “من أجل حبي” الذي عرض في نهاية الخمسينات، والمعزوفة الأصلية للمؤلف والعازف الإسباني الشهير”إسحق البينيز” الذي توفي عام 1909، وكان أحد أكثر المساهمين، في تطوير الموسيقى الإسبانية، ويذكر أنه كان أول عازف إسباني يقدم حفلات موسيقية، في أرجاء العالم، وقد اشتهر بمقطوعاته الفريدة والمميزة مثل: “يبيريا” و”الأبانيرا” و”استورياس”.
وقد كان فريد الأطرش يصرح دائماً وفي كل أحاديثه، أن المقطع أدهشه، وأراد إيصاله لجمهوره على عوده وبأسلوبه الخاص، إلا أن هذا الاعتراف لم يمنع الياس سحاب من اتهامه بالاقتباس، في وقت يبرر فيه لمحمد عبد الوهاب ( شأنه شأن المايسترو سليم سحاب) اقتباساته الذائعة الصيت، عن الموسيقى الغربية، متجاهلاً أن البينيز ذاته تأثر في بعض أعماله، بشوبان، حين اتبع في بعض مؤلفاته، العزف الهادىء في البداية، ثم التحول إلى العزف السريع والمتدفق والمفعم بالإيقاع والحركة والحيوية، كما يصيبنا بخيبة كبيرة، حين يتحدث عن سلبيات الجانب الشعبي في موسيقاه وأغانيه، متناسياً شهادة بليغ حمدي في ألحان فريد الأطرش الشعبية، والتي كانت على حد قوله مصدر إلهام لكل من جاء بعده.
وعلى هذا يجب أن نركز على النابغة فريد الأطرش، لأنه استطاع بموهبته الفذة، أن يخرج الموسيقا العربية، من مدارها العربي، ويضعها في مدارات عالمية، ولهذا احتفت به منظمة اليونيسكو الدولية، منذ خمس سنوات، إلى جانب الأميركي فرانك سيناترا والفرنسية أديث بياف، كما احتفى به منذ أشهر محرك البحث “غوغل” بنشر صورته على غلافه كفنان عالمي، هو الذي جعل العالم يلتفت الى موسيقانا وأغانينا منذ ستينات القرن الماضي.
رؤية ـ أديب مخزوم