لا أعتقد أنّ أحداً سوف يُفكّر – مجرد تفكير – بممارسة الأسف على رحيل العام ( 2020 ) لأنه كان مشبعاً بالآلام والخيبات وبالأوجاع والنكبات، شهدنا فيه أزمات متتابعة ومتداخلة، كورونا أولاً وأزمة خبز شديدة، وارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد، فاختفت خلاله العديد من المواد الغذائية الأساسية عن موائد الكثير من السوريين، أو كادت أن تختفي ولاسيما اللحوم بمختلف أنواعها البيضاء والحمراء، وكذلك البيض، وحتى الألبان والأجبان والزيوت.
وأزمة بنزين صارت تأتي وتختفي بين وقت وآخر، وأزمة مازوت وغاز مستمرة باختناقاتها، وأزمة الكهرباء التي صارت همّاً يومياً يلفح مساكن الناس، ومعاناة ضاغطة على أصحاب الكثير من المهن التي تعتمد في إنتاجها على التيار الكهربائي ما أوقعهم بخسائر فادحة وفوات أرباح فتغيّر مجرى حياتهم، كما تفاقمت أزمة المواصلات لترتفع أجور التنقل بشكل مرهق.
في حين استمرت في ذلك العام المشؤوم الأزمات التقليدية المزمنة، ولاسيما أزمة الفقر والبطالة في ظل شحّ كبير في فرص العمل.
هذا كله والبلاد في حالة الحرب المستمرة على الإرهاب منذ عشر سنوات، وهذا كله والبلاد تواجه حصاراً اقتصادياً يشكل أقصى أنواع الإرهاب الاقتصادي، ومع ذلك اندلعت حرائق رهيبة في أربع محافظات ( حمص وحماه وطرطوس واللاذقية ) أعدمت ملايين الأشجار المثمرة والحراجية، ومع كل هذا البلاء حلّ علينا وباء كورونا .. وتعرفون حكايته المأساوية.
ولذلك كنّا على عجل ليرحل ذلك العام اللئيم، وعلى الرغم من كل ما حصل لن نتردد في بناء صروح الآمال بقادم الأيام عبر هذا العام الجديد 2021 الذي نتطلع فيه إلى البدء بتحسين الأوضاع، ولكن ليس بالتأكيد على نمط البيان الحكومي، الذي أغدق علينا بوعودٍ خلّبيّة لم نلحظ أن أحداً منها قد تحقق بعد أن قضت هذه الحكومة نصف عمرها، ما يجعلنا نخشى من التورّط بالمراهنة على ما يمكن أن يتحقق خلال النصف الآخر.
لا ندري ما وجه الاضطرار لأن تقوم الحكومة على الرغم من كل مصاعبنا وأزماتنا ومآسينا بوضعنا أمام حمولة آمالٍ لا تقوى على حملها ولا حتى جرّها ..؟! ليتها وعدتنا بعشرة وعود أو خمسة .. أو حتى ثلاثة ونفذتها فعلاً وبشكل واضح، لكانت قد تمكنت بذلك من إنعاش ثقتنا وآمالنا بها أكثر.
قالت الحكومة في بيانها مثلاً بأنها ستعمل على بناء نظام رعاية اجتماعية شامل، بما يعزز مفهوم التضامن والتكافل الاجتماعي، ويرتكز على إرساء سوق عمل فعال، والحد من البطالة والمرض والإعاقة ومخاطر الشيخوخة، وبناء حاضنة آمنة لحماية ونماء الأطفال، لتنمية قدراتهم العقلية والنفسية والاجتماعية والجسدية ونموهم الفكري والثقافي والأخلاقي.
لا خلاف على المبدأ، الخلاف على المقدرة، لأن هذه القضايا تحتاج إلى سنين ولا تمتلك الحكومة من العمر إلاّ أشهراً، فبدت كأنها تحاضر في بيانها الذي يستحيل عليها تنفيذه.
على كل حال كل عام وأنتم – وحتى الحكومة – بخير ، وسنبدأ بمعزلٍ عن بيانها ببناء الآمال القادمة في رحاب العام الجديد.
على الملأ- علي محمود جديد