الصلاحيات التي منحها وزير التربية للمحافظين ومديري التربية، بالشؤون اليومية والخدمات المحلية، تستحق الوقوف عندها، خاصة إذا ما علمنا أنها تندرج تحت مسمى النهوض بالعملية التربوية التعليمية وضمان حسن سيرها بعيداً عن الروتين من جهة والفساد من جهة ثانية.
طبعا الهدف الأساس من هذه التفويضات هو تنفيذ مشروع الإصلاح الإداري حسب ما تؤكده الوزارة، هذا المشروع الذي ينطلق من مبدأ اللامركزية في العمل، وتسهيلاً للإجراءات الإدارية وتسريعاً لوتيرة العمل وتوفير الوقت والجهد على المواطنين من خلال توفير الجهد وعناء السفر إلى العاصمة لإنجاز أيّ معاملة يمكن إنجازها في المحافظة وبذات المديرية.
باعتقادنا أن الهدف من إصدار هذه التفويضات أبعد مما هو وارد في أسبابها، فكلنا يعلم أن ما كان معمولاً به قبل إصدار هذه التعليمات كان العاملون والمواطنون على حد سواء يعانون الكثير الكثير في الحصول على ما يبتغون وذلك من خلال مراجعاتهم للمعنيين في الوزارة، ولنكن أكثر وضوحاً كان للمحسوبيات من جهة وللفساد من جهة ثانية الدور الكبير في عملية إنجاز أيّ معاملة، التي هي في الأساس من اختصاص إما مديرية التربية أو المحافظة، بمعنى أدق أنه لا حاجة لمراجعة الوزارة لإنجازها.
إن إصدار هذه التفويضات من قبل وزير التربية التي هي بالأساس من صلاحياته وفق القانون، إنما تشكل تنازلاً عن هذه الصلاحيات وبكل جرأة والتي كانت تشكل عبئاً ثقيلاً على عمله وذلك من خلال غرقه بتوقيع الكم الهائل من البريد الذي يستغرق وقتاً طويلاً لتوقيعه وعلى ذمة من هم أدنى بالمسؤولية.
كما تشكل هذه التفويضات نقلة نوعية في العمل الإداري الذي يخفف أعباء كثيرة على المواطنين من جهة ويسهم في القضاء على الفساد الذي كان قائماً في بعض المفاصل وتحت الطاولات من جهة ثانية، ناهيك عن كونها أي التفويضات نقلة باتجاه القضاء على الروتين المقيت الذي يسيطر على بعض العقول المغلقة في بعض أماكن صنع القرار بعيداً عن الوزير وربما تكون تلك العقول من المقربة إليه ودونما علمه.
بكل الأحوال إن ما أقدم عليه وزير التربية من منح بعض صلاحياته لمديري التربية والمحافظين، إنما يشكل حافزاً للعديد من الوزراء كي يقتدوا به ويمنحون المحافظين ومديري مديرياتهم في المحافظات بعض الصلاحيات التي تخفف على المواطنين أعباء السفر والمراجعة في العاصمة، وهذه التفويضات باعتقادنا هي جزء أساسي من عملية تطبيق قانون الإدارة المحلية بمراحل تطبيقه كافة.
حديث الناس -اسماعيل جرادات