لم نسمع يوماً صوتاً “حاداً “معترضاً كان أو منتقداً أو مستهجناً أو رافضاً لعمل أجهزة الرقابة التموينية أو الصحية ولا حتى على الضبوط “المخجلة” المنظمة نتيجة القفزات غير الهينة التي تم تسجيلها مؤخراً على مؤشر المخالفات المرتكبة والغلاء الفاحش المستشري على امتداد أسواقنا الشعبية والمخملية التي طالتها جميعاً قفزات الأسعار الجنونية التي باتت تزين واجهات محالنا التجارية دون حاجة لمساعدة أي مخبر أو مشتك للدلالة عليها أو تحديد موقعها.
لكننا نرى اتحادات وغرف التجارة والصناعة كيف تقيم الدنيا وتقعدها قبل أو خلال أو بعد أي حملة جمركية “من خلال الندوات ـ وورشات العمل ـ والإطلالات الإعلامية ـ والبيانات الصحفية التي تصدرها”، ونسمع سيل مناشداتها وصراخها واعتراضها على تلك الحملات التي لم يتم خلالها “لا الآن ولا في الأمس القريب والبعيد على حد سواء” تغريم أو مصادرة أو مخالفة أي منتج وطني أو أي مادة أولية وصلت إلى وجهتها “مصنع ـ معمل ـ ورشة ـ مول ـ صيدلية ـ بقالية ـ كشك…” عبر القنوات الاستيرادية النظامية “لا التهريبية”، التي تحافظ لا تهدر حقوق الخزينة العامة للدولة.
نعم إنها جعجعة بكل ما للكلمة من معنى.. قائمة على الاتهامات المسبقة والمصالح الشخصية الضيقة وعلى النتائج الكارثية “الاقتصادية ـ الصناعية” التي ستحل على الأرصدة البنكية للشريحة الأصغر لا الأكبر من المنتجين، وتفضح حجم المخالفات التي يرتكبونها والمبالغ الطائلة “غير المشروعة” التي يحققونها ويكدسونها، وتكشف حقيقة الشعارات التي كانوا ومازالوا يرددونها “حماية المنتج الوطني ـ الصناعة المحلية”.
ولو أنها غير ذلك “جعجعة” لكنا سمعنا أو شاهدنا بالصوت والصورة صندوق الوارد “العام والخاص والسري” سواء في وزارة المالية أو المديرية العامة للجمارك أو أي جهة مختصة أخرى متخم بالشكاوى الصريحة والإدعاءات الواضحة والموثقة عن العناصر المسيئة والتصرفات والممارسات المضرة بالاقتصاد الوطني، وعن حجم ونوع المواد المنتجة محلياً والمستوردة رسمياً التي تم مصادرتها وتغريم مالكها.. عن نوع وعدد القضايا المخالفة التي تم تحويلها للقضاء المختص… عندها فقط “عندما نرى طحناً” يمكن للشارع أن يضم صوته إلى صوتكم “المبحوح حالياً”، ويطالب بمحاسبة الموظف المسيء والمهرب والمهرب إليه، كونهم مجتمعين يشكلون ثالوث الفساد على المستوى الوطني.
الكنز- عامر ياغي