لا يُمكن لأي اقتصاد أن ينافس وهو مُكبل، ولا يُمكن لأي اقتصاد أن ينجح وعمالته تدار بنفس قوانين القطاع الإداري، وكذلك عقوده وماليته ونظامه المحاسبي، وما سبق لا يعني أن القوانين المذكورة سيئة أبداً، ولكنها لا تناسب المؤسسات الاقتصادية.
منذ سنوات ويجري الحديث عن تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة ولم يُنجز حتى اليوم، ومن يراهن على مشروع الإصلاح الإداري في تجاوز الكثير من المعيقات فرهانه غير دقيق، لأن المشروع في النهاية يجب أن يُنفذ بطريقة منسجمة مع القوانين القائمة والتي لا يُمكن تجاوزها، ولذلك لم نرَ أي نتائج لمشروع الإصلاح الإداري على الأرض رغم مضي ثلاث سنوات على إطلاقه باستثناء تعديل بعض الهيكليات الإدارية في المؤسسات، والتي لم تنعكس على تحسين وضع العاملين ولا على اختيار الكفاءات ولا على مكافحة أو الحد من الفساد.
كثير من المؤسسات صارت عبئاً على الدولة نتيجة معاملتها بقوانين القطاع الإداري وظهر الفرق كبيراً بينها وبين القطاع الخاص، رغم التسهيلات المقدمة لها بسبب مرونة القطاع الخاص وتكبيلها بقوانين غير مناسبة، فالقطاع الخاص يتحرك بحرية، ولكن القطاع العام مُكبل بخطوات إدارية، تَجاوز أيٍّ منها يُعرّض مُتخذها للمساءلة بغض النظر عن النتائج المُحققة، أي نحاسب على الشكل ولا يهم أياً كانت النتائج.
لا بد من إصدار تشريعات خاصة بالقطاع الاقتصادي، مالية وإدارية ومحاسبية وفق معايير جديدة تعتمد على النتائج وتحقيق الأهداف ولا تقف عند الخطوات والقيود الشكلية المُكبلة لعمل المؤسسات الاقتصادية، لا بد من تغيير سياسات التعيين واستخدام العمالة في هذه المؤسسات وفقاً لمعايير اقتصادية وليست اجتماعية، قوانين تتيح للإدارة التعيين والاستخدام وفقاً للحاجة، ومن فائض أرباح هذه المؤسسات يُمكن العمل على الجانب الاجتماعي من خلال مؤسسات متخصصة تكون أكثر دراية بهذا الجانب.
أهم إجراء لنجاح مشروع الإصلاح الإداري يتجسد في تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة وقانون الوظيفة العامة، وعدم التعديل يعني اصطدام المشروع بمواد قانونية، تجاوزها يعتبر مخالفة قانونية ودستورية، ولهذا السبب لم نلمس أي نتيجة لمشروع الإصلاح الإداري على الأرض.
على الملأ- بقلم مدير التحرير- معد عيسى