اليوم، هو الأخير من رئاسة ترامب التي وضعت النظام الأميركي في مصاف التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، وكشفت مستوى الانحدار السياسي والأخلاقي لنظام قطاع الطرق ذاك، والذي جسده الرئيس المهزوم ومسؤولي إدارته ممن امتهنوا الإجرام والإرهاب لتحقيق مآرب دولتهم المارقة والخارجة عن القانون، وعن كل المعايير الإنسانية.. اليوم يرحل ترامب عن السلطة وهو يجر ذيول خيبته وفشله أمام صمود الشعب السوري، الذي قهر مشاريعه، وأفشل مخططاته، وانتصر بقوة إرادته، ويتهيأ لمحطات انتصار أخرى قادمة.
إدارة ترامب مارست كل أشكال العدوان، والترهيب العسكري والسياسي والاقتصادي، ولكنها كما سابقتها، عجزت عن إخضاع إرادة السوريين لمشيئتها.. يرحل المتغطرس ترامب والكثير من لعنات السوريين ستبقى تطارده، وتذكره بوحشية إجرامه بحقهم، عدوانه الصاروخي الغادر على مطار الشعيرات عام 2017، إضافة للعدوان الثلاثي الذي أمر بشنه عام 2018 إلى جانب شريكي نظامه في الإرهاب بريطانيا وفرنسا، والمجازر التي ارتكبتها طائرات بلاده الحربية بحق المدنيين في أرياف الحسكة ودير الزور والرقة، وإجراء (قيصر) العدائي، وسرقته النفط والمحاصيل الزراعية، وإحراقه حقول القمح، ودعمه المتواصل لأذرعه الإرهابية، وقراره بشرعنة الاحتلال الصهيوني للجولان، كلها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية لن يغفرها له السوريون، وستبقى وصمة عار على جبين أميركا.
يرحل ترامب اليوم، والسوريون لا يعولون بالمطلق على سلفه القادم، هم خبروا سياسة البلطجة الأميركية تجاههم منذ عقود، وتصدوا لها في كل مراحل عدوانيتها السابقة، ولم ينسوا بعد أن (داعش) هو صنيعة أميركية، أشرف على إنتاجها الرئيس الجديد بايدن عندما كان الرجل الثاني في إدارة أوباما، ويراقبون اليوم عمليات إعادة إحياء هذا التنظيم الإرهابي قبيل تسلمه مقاليد الحكم، وهذا مؤشر قوي يدل على مضمون إستراتيجيته العدوانية القادمة، فهو سيعيد صياغة سياسة الإجرام والإرهاب التي انتهجها أوباما سابقاً، رغم أن تلك السياسة فشلت أيضاً في لي ذراع السوريين وكسر إرادة صمودهم، وفشل هذه السياسة اعتراف به مؤخراً وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكين، والذي تولى منصب نائب مستشار الأمن القومي في عهد أوباما، وهنا لا نستبعد عودة برامج تمويل وتدريب إرهابيي (النصرة)، وحشد ما سمي مجموعة (أصدقاء سورية) لتقديم المزيد من الدعم لأولئك الإرهابيين، واحتضانهم تحت مسمى (معارضة معتدلة)، كما يحلو لبايدن وفريق إدارته تسميتهم.
رحيل ترامب عن الحكم، لا يعني أن بايدن سيكف عن دعم الإرهاب في سورية، فأميركا بحزبيها الديمقراطي والجمهوري، لم تزل تسخر كل إمكانياتها، لمنع هزيمة (داعش والنصرة)، ولاستنزاف قدرات الجيش العربي السوري، وعرقلة أي جهود للحل السياسي، فتحمي (داعش) تحت مظلة (قسد)، وتستخدم الأخيرة أداة قذرة لمشروعها التقسيمي، وتحتضن إرهابيي (النصرة) بغطاء (الاعتدال)، وعندما تحشر في زاوية الفشل تدفع بنظام اللص أردوغان وحكومة العدو الصهيوني لتسعير نيران الإرهاب والعدوان، وهدفها لا يتوقف عند حدود إطالة أمد الأزمة وحسب، وإنما مواصلة استهداف دول المنطقة من البوابة السورية، لشرعنة وجود الاحتلال الصهيوني.
البقعة الساخنة – ناصر منذر