” إحداث المعهد العالي للفنون السينمائية وتأهيل دور السينما” كان واحداً من القرارات التي اعتمدت تحت قبة البرلمان في جلساته الأخيرة، ولاشك سيفتح هذا القرار آفاقاً واسعة على فنون السينما التي باتت واحدة من أهم مصادر الثقافة في زمن تتصدر فيه التكنولوجيا عالمنا بتفاصيله كافة.
ولايخفى على المختصين أهمية الدور الذي تلعبه الأفلام السينمائية في عصرنا الحالي، فهي عندما تنتزع منا الضحكة تأخذنا إلى عالم من الأمل والتفاؤل في زحمة صعوبات الحياة وهمومها، وعندما تعيد إلينا تاريخنا نرفع رؤوسنا اعتزازاً وشموخا بأمجادنا وتراثنا، أما عندما تواجهنا بالواقع فإنها تشغل العقل منا في إيقاظ رغبتنا في العمل من أجل السعي والعمل باتجاه الواقع الأفضل.
وتأتي أهمية هذا القرار في كون السينما باتت وسيلة وقيمة مضافة للثقافة في تشكيل الوعي الجمعي لدى المشاهد، من خلال ماتعرضه من قضايا اجتماعية وثقافية وتاريخية، وماتتركه هذه الأفلام في نفسه من تفاعل وسلوكات تعيد ترتيب أولوياته وقناعاته، وتفتح عينيه على جوانب كان يجهلها أو لم يلتفت إلى أبعادها الخفية.
وربما لانستطيع في هذه العجالة استعراض الأفلام التي شكلت نقطة تحول في مجتمع هنا، أو كانت سبباً في تغيير بنود قانون هناك، وأحياناً كانت حملة دعائية لنشر فكر معين كما فعل” هتلر” في الحرب العالمية الثانية، مايدفعنا إلى توجيه الاهتمام إلى تلك الصناعة الثقافية الهامة، والعودة إلى إحياء العصر الذهبي للسينما عندما كان الناس يحتفون ويتقاطرون على شباك التذاكر، وكأنه الوجبة الطازجة تمتعهم وتغذي عقولهم.
وما نأمله أن يكون الأطفال ضمن دائرة الاهتمام، فمن الأهمية بمكان إيلاء سينما الطفل العناية الكبيرة، لأنها الوسيلة الأكثر تأثيراً في بناء الوعي عند الأطفال وإكسابهم المعرفة من خلال طرح الأفلام العلمية والتاريخية، وتكريس المزيد من القيم الأخلاقية والإنسانية ونبذ العنف والعمل من أجل الخير والسلام.
خطوة هامة ننتظر أن نحصد نتائجها في القادم من الأيام، في عالم القرية الصغيرة حيث تتزاحم الثقافات وتتلاقح، لنحتل المكان الذي يليق بثقافتنا وحضارتنا وعروضنا السينمائية الغنية.
رؤية- فاتن أحمد دعبول