ليس من باب المبالغة أو التهويل القول إن ميليشيا قسد العميلة للاحتلال الأميركي هي الوجه الآخر لتنظيم داعش الإرهابي، رغم صدامها والتنافس معه في مرحلة من مراحل الحرب من أجل الحصول على مناطق النفوذ والسيطرة في الجزيرة السورية.
فسلوكيات الميليشيا المأجورة بحق أهالي وأبناء منطقة الجزيرة السورية لا تقل عسفاً وظلماً وانتهاكا لحقوق الإنسان عن السلوكيات التي دأب عليها التنظيم الإرهابي في أوج نشاطه وحصوله على الدعم الأميركي والتركي والغربي لتمزيق سورية، فعمليات الاغتيال والاختطاف والاستيلاء على الأملاك الخاصة والعامة وتجنيد الشباب بالإكراه من أجل محاربة وطنهم وشعبهم والارتزاق للأميركي، والطموح لإقامة كانتون أو (إمارة) هي سلوكيات مشتركة بين التنظيمين الإرهابيين، رغم أن الميليشيا حظيت بأكثر من فرصة ذهبية للحوار مع الدولة السورية كي تكون جزءاً من النسيج الوطني والحل السياسي، لكنها اختارت أن تكون أداة رخيصة بيد الاحتلال الأميركي وخنجراً مسموماً في خاصرة الوطن، مؤمنة للنظام التركي الإرهابي كل الذرائع التي يحتاجها كي يمد نفوذه ويحقق أطماعه العثمانية داخل الأراضي السورية.
مشكلة هذه الميليشيا العميلة وأزمتها الحقيقية أنها لا تستفيد من دروس الماضي ولا تستخلص عِبر الحاضر ولا تقرأ المستقبل، فالاحتلال الأميركي – وهذه ليست مجرد أمنيات ورغبات – سيرحل عن هذه المنطقة عاجلاً أم آجلاً، مكرهاً أو باختياره، وذلك في السياق الطبيعي لفشله في تحقيق أهدافه، وعجزه عن تحمل تبعات وجوده غير الشرعي طويل الأمد في سورية، وعندها ستجد المليشيا الإرهابية نفسها أمام ثلاثة أعداء لم تترك معهم للصلح موضعاً، أبناء الجزيرة السورية الذين ذاقوا الأمرّين بسبب انتهاكاتها بحقهم “ثمة غضب واحتقان واحتجاجات شعبية يرجح أن تتطور إلى أعمال مقاومة”، والجيش العربي السوري المتأهب دائماً لتحرير كل شبر محتل من أرض الوطن، وقطع دابر المتلاعبين بوحدة وسيادة واستقلال سورية، والنظام التركي الناقم الذي ينتظر أي فرصة للانقضاض على خصومه الأكراد بزعم تهديدهم لأمنه القومي عبر الانفصال، وليس ثمة من يعتقد أن الأميركي سيبالي بهؤلاء المرتزقة إذا وجد مصلحته في التخلي عنهم.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود