الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
عندما نحمل من الإنسانية والنبل الكثير ونكون شركاء في صنع الفرح وتحفيز الطاقات واستنهاضها وتحريضها لتكون وتُكوّن، عندها نساهم بشكل مسؤول في بناء مجتمع واعِ ناضج يحمل فكراً نيراً ورؤى تبني وطناً. هذا الكلام يترجمه مشروع نابع بمعناه وأهدافه ودلالاته من عمق الروح ، يأخذنا إلى أماكن أبعد من الرسم وتشجيع الموهبة محاكياً آلية التفكير عبر التعاطي مع مفردات الواقع فتأتي مشبعة ألقاً وأملاً وطموحاً ، هو مشروع إبداعي إنساني فني يعج بالطاقة يقدمه الفنان التشكيلي بديع جحجاح مؤسس صالة ألف نون (فنون وروحانيات) مقدماً خلاله مسابقة (ألوان وأفكار) التي تُقام تحت شعار (نحو عالم ملون) بالتعاون مع وزارة التربية ، والشريحة المستهدفة من المشروع الأطفال بشكل خاص والأسرة بشكل عام ، وتنطلق المسابقة في الأول من شهر شباط القادم وتنتهي في الأول من نيسان لتُسلّم الأعمال ويتم تحكيمها من قبل لجنة خبيرة ، وتُعلن النتائج في الخامس عشر من أيار القادم . في تعريفه للمشروع يقول الفنان بديع جحجاح : ” تأسست صالة ألف نون زمن الحرب عام 2016 ، وقدمت مجموعة من المبادرات أهمها تنشيط الحركة الفنية ودعم المشروع الثقافي السوري وقت الحرب وما بعدها ، وتأسيس منظومات لها علاقة بالجمال والفكر المنفتح ، تؤسس مع العاملين في هذا القطاع لنافذة جديدة ، واليوم نطلق بالتعاون مع وزارة التربية مشروعنا (ألوان وأفكار) الذي يحمل مجموعة من الرسائل ، علماً أن البداية كانت عام 2017 حيث يرسم ويكتب الطلاب عن (سورية وطن للتسامح والخير والسلام) ولدينا مجموعة محاور ، أولها أن نكون على اتصال مع المنظومة التربوية لذلك أتت الشراكة بين وعي القطاع الخاص ووعي القطاع العام المنفتح ، والرابح هنا الطالب والعائلة ، لذلك نقول إن كل شراكة تبني وطن يعوّل عليها في المشروع الإنساني القادم “. وحول شعار (نحو عالم ملون) يؤكد أن المقصود منه أن التنوع في سورية يُكوّن البلد ، فهذه الألوان هي الموزاييك الكبير ونحن ضمنه ، يقول : إنه عالم ملون نحو سورية ممتلئة بالمحبة والسلام والقيم التي تربينا عليها ، وينبغي ألا تؤثر المتغيرات الوافدة بالمنظومة العقائدية والمنظومة الإنسانية .
ويشير إلى أنه تم تعميم المسابقة وشروطها على المدارس كلها ، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة محاور (الحلقة الأولى ، الحلقة الثانية ، الثانوي)، يقول: المنظومة الابتدائية كانت الجملة المحفزة فيها (أتخيل عالمي الذي أحب) وهنا الطفل حر ليرسم عالمه الذي يحب ، والمفروض أن يضع جملة بالتعاون مع الأهل تتناسب مع عمره وذائقته ، قد تحاكي اللوحة أو لا تحاكيها ، ولكن عملية اقتراب الصورة مع المفردة جسر مهم للوعي ، وهذه الفكرة تنسحب على المرحلتين الإعدادية والثانوية ، ولكن يختلف المنطق في الإعدادي فالسؤال هنا (من سأكون في المستقبل) ، وترتفع هذه الذائقة في الثانوي لنقول (أرسم شخصية عالمية مؤثرة بأسلوبك الخاص) وهنا يمكنه رسم الشخصية بطريقته . أما فيما يتعلق بالأعمال التي تختارها لجنة التحكيم فسيٌقام لها معرض و (كتالوغ) يضم اللوحة والعبارة التي كتبها الطالب واسمه ومدرسته وعمره ، لأنه من المهم أن نكون شركاء وصنّاع ابتسامة لأشخاص لا نعرفهم ، وهذا عبور الدرويش الذي أتمثله ، ففكرة (الدروشة) أنه درويش أمام الخالق ويذوب محبة بالناس ، وهي المنظومة التي نعيش ونشتغل وفقها ، نقول (درويش في مهب الحبق) بمعنى أن الانسان مهما علا شأنه فهو ضعيف ولكن الحب يقويه من خلال العطاء ، وحبق كلمة مؤلفة من ثلاثة أحرف ، الحرفان اللواء الأول والثاني (حب) والحرفان الأول والأخير (حق) وعكس الكلمة (قبح) ، ألف باء الحياة هو الحب ، والأول والآخر هو الحق ، فكل الحقد الذي مارسوه على هذه البلاد يحتاج إلى وعي وميزان الحب والحق .
الفنان بديع جحجاح الذي سبق وقدم مشروعاً بعنوان (دوران) عام 2013 يؤكد على فكرة (تأخذ لتعطي) ومن هذا المنطلق يتحدث عن تمويل مسابقة (ألوان وأفكار) يقول : ” اجتهدنا بداية الحرب لنبني مجموعة من الرموز وبتنا نوجد منها ناتج مالي يشاركنا فيه كل عشاق الفن ، فالمشروع من تمويلنا الشخصي ، وقد وعدت وزارة التربية بطباعة (الكتالوغ) ونحن نقوم بإنجاز الشهادات والإعلان وما تبقى ” ، وحول نظرته للمشروع يقول : ” هذا الالتزام الذي بنيته كفنان هو انعتاق ومرآة لما ينبغي أن يكون ، إن ما أبنيه بيني وبين نفسي وبين مؤسستي ، ويعتبر (ألوان وأفكار) حالة اهتزاز للعائلة بزمن الحرب من خلال الفن لاختبار الذاتي ، وكيف هي قادرة أن تتعاطى مع جملة وتحولها إلى لوحة،وكيف هي قادرة أن تتفاعل مع القطاع اليوم الذي يدعم هذه التحولات ، هي أسئلة مطروحة بحاجة إلى إجابات ، وواجبنا طرح الأسئلة وأحياناً أن نوفر مناخ الجواب،وما يميز المسابقة هذا العام متابعة الناتج ما بعد الجوائز، فلدينا معرض سيكون في(ألف نون) وهناك نقل مباشر من خلال السوشيل ميديا، إضافة إلى عملية بيع الأعمال لصالح الطلاب والمدرسين ، وانتخاب مجموعة من كل الفئات تكون الأقدر والأهم وفقاً للجنة التحكيم حيث سيكون هناك ورشات عمل ” ، ويختم كلامه بالتأكيد أنه سبق وتم بيع لوحات لطلاب ، من بينها لوحة لهبة النزهان اشترتها سيدة مقيمة في أثينا عام 2018 .