يعد الخجل عند الأطفال أمراً طبيعياً ويعكس حالة الطفل الصحية والنفسية، إلا أنه قد يكون في بعض الأحيان حالة مَرضيّة لها آثارها السلبية عليه سواء الآنية أم المستقبلية، وهذا يحدث عندما يتجاوز الخجل حدوده الطبيعية ويصل بالطفل إلى درجة الانعزال والخوف وعدم الثقة بالنفس والتردد والابتعاد عن الآخرين بحجة الخجل.
إن اكتشاف هذا الأمر بوجهه السلبي منوط بالأهل بشكل عام، وبالأم على وجه الخصوص، كونها على تماس والتصاق تام مع طفلها في كافة حركاته وسكناته، وبالتالي فإن مسؤولية معالجة هذه الحالة يتطلب المتابعة والإسراع حتى لا تتحول إلى حالة مستفحلة في سلوك ونفسية الطفل.
ويعزى الخجل المفرط ـ أي المَرضي ـ إلى بعض الأسباب والعوامل، منها ما يكون عضوياً يتعلق بشكل الطفل وسلامة وتناسق أعضائه (السمنة مفرطة أو الهزال الشديد) وهو الأمر الذي يسبب له الحرج وشعوراً بالنقص أمام أقرانه، لاسيما إذا تعرض للتهكم والسخرية من بعضهم، ومنها ما يكون نفسياً يرتبط بطريقة وأسلوب تربيته داخل المنزل، فالطفل الذي يتعرض كثيراً للإهانة والتوبيخ والضرب والتحقير، أو الذي يفقد أبويه أو كلاهما، أو الطفل المتأخر دراسياً، أو الذي يعيش في بيئة أسرية مفككة أو مضطربة نتيجة الخلافات والمشاحنات بين الأب والأم، هو الأكثر انطواءً وابتعادً عن الآخرين بسبب خجله الشديد والمفرط.
أهم الوسائل لاحتواء ومعالجة خجل الطفل الشديد يتمثل في الدرجة الأولى بتحديد أسبابه التي يتصدرها قلق وخوف الأهل الزائد على طفلهم، الأمر الذي يقيد حركته ويمنعه من الانطلاق والتمتع باللعب مع بقية الأطفال، وكذلك خلق أجواء من الراحة والطمأنينة والأمان داخل المنزل وهذا يكون بالابتعاد عن المشاحنات والخلافات الأسرية، وأيضاً عدم القسوة على الطفل لدى ارتكابه خطأ ما، ما يؤدي إلى شعوره بالنقص، وكذلك تعزيز وتنمية قدراته على الحديث والحوار معه منذ الصغر، وتشجيعه على التفوق الدراسي وترغيبه في المدرسة، حتى وإن كان مستواه منخفضاً و توفير وتهيئة جوّ أسري مترابط يسوده الحب والألفة والمودة وتشجيعه على أن يطلب ما يريد بجرأة ودون خوف أو حرج خاصة من الوالدين.
عين المجتمع- فردوس دياب