مرت في 3 شباط 2021 الذكرى السنوية الـ 46 على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم، ولا تزال مدرستها في التطريب الراقي تتجدد وتترسخ، وتحتل مركزها الفني المرموق، في سماء الأغنية العربية، وفي ذاكرة الأجيال العاشقة للطرب الأصيل والراقي، والدليل على ذلك أن معظم المطربات الأصيلات، وخاصة اللواتي يقدمن وصلاتهن الغنائية، على مسارح دار الأوبرا، السورية والمصرية، وسواهما، غالباً ما يكون من تراثها أو من المدرسة الكلثومية، التي تكرست على مدى قرن كامل، بموسيقا الرعيل الأول من ملحنيها في العشرينات: أبو العلا محمد وأحمد صبري النجريدي ( الملحن الشاب وقتها، وطبيب الأسنان الذي أغلق عيادته ليتفرغ لألحانه لها). والرعيل الثاني من ملحنيها: محمد القصبجي وزكريا أحمد ورياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب، وصولاً إلى الرعيل الثالث: بليغ حمدي ومحمد الموجي وسيد مكاوي وغيرهم.. وإلى جانب المطربات الكلثوميات اللواتي يصدحن بأغانيها في كل زمان ومكان، وهن من كل الأجيال والأعمار، ومن كل البلدان العربية وبلاد الاغتراب، نجد العديد من الفرق الموسيقية الأوركسترالية، لا تتوقف عن تقديم النغم الكلثومي على أرقى وأكبر المسارح.
وقلائل جداً الذين يعلمون أن الصحفية والكاتبة الجزائرية إيزابيل سياب أطلقت كتاباً بالفرنسية عن أم كلثوم، أصدرته دار “دونويل”.. وتضمن الكتاب اعترافات ووثائق وصور تاريخية نادرة نشرت أول مرة، وأعادنا الكتاب إلى بداية علاقة الشاعر أحمد رامي بملهمته أم كلثوم، وكانت معظم أغاني مرحلة بداياتها من كلماته، وتعترف أم كلثوم لأحمد رامي بالفضل فتقول: “هو الذي جعلني أتعلق بالشعر، حتى تمنيت يوماً أن أكون شاعرة، وأحس رامي بهذا وكان يقول: لا عليك أن تكوني شاعرة، إن تذوق الشعر وحده موهبة”.
وتقول الناقدة الموسيقية رتيبة الحفني: “إن صوت أم كلثوم أكثر الأصوات ضبطاً، لأن معادلته الرياضية تكاد تتطابق مع المعادلة الرياضية للسلم الموسيقي الطبيعي”.. ويوافقها في هذا الرأي الناقد الموسيقي كمال النجمي، الذي قال: “بأن أم كلثوم سرعان ما اكتسحت سلطانة الطرب منيرة المهدية، لأن الأخيرة لم تكن تجيد مثلها القفلات الصوتية بطرق تتوافق مع النغم الموسيقي اللحني”.
رؤية ـ أديب مخزوم