تتقمص الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في الشأنين الليبي واليمني دور صناعة السلام في هذين البلدين بعد قيامهم بتدميرهما تحت ستار دعمهم ((لشعبيهما)) في (طوشة الربيع العربي).
فجأة ودون مقدمات تخلت الدول الغربية عن متابعة حروبها ضد شعبي الدولتين، ودعم ما أسمته الحل السياسي الذي تحاول إنتاجه في ليبيا بما يخدم مصالحها الإستراتيجية، وفي اليمن بما يؤدي إلى عدم إعلان الشعب اليمني وحلفائها النصر على تحالف العدوان الذي كانت واشنطن عصبه الأساس.
تحاول الولايات المتحدة محو سجل جرائمها بحق الشعبين الليبي واليمني من ذاكرة العالم باتخاذ خيارات جديدة لا تقوم على الأساس الإنساني والاعتراف بجرائمها، بل لوصول سياساتها العسكرية التي وظفت فيها جيوش التنظيمات الإرهابية وخزائن أدواتها المالية إلى الحائط المسدود.
ففي اليمن حيث كان الادعاء بمنع إيران من وضع قدمها في منطقة البحر الأحمر، اليوم يعدّ القبول الأميركي بالتفاوض مع حلفاء طهران على الأرض اليمنية اعترافاً صريحاً بالدور الإيراني في هذه المنطقة الحساسة ليتكرر السيناريو العراقي، حيث الدور الإيراني المهم في إعادة الأمن والاستقرار إلى العراق ودحر الإرهاب الأميركي فيه بعد شنّ الولايات المتحدة وحلفائها الحرب على العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل والقطع على الدور الإيراني.
وفي الملف الليبي أخفقت الدول الغربية في تحقيق أهداف العدوان الظالم على الشعب الليبي، وتحولت ليبيا بعد سنوات من هذا العدوان من فرصة لتعزيز التأثير الأوروبي في شمال أفريقيا إلى مأزق وعبء في قضية أفواج المهاجرين، و مواجهة الدور الروسي والصيني الصاعد على المستوى الدولي والإقليمي، و التدخل التركي السافر أيضاً في الشأن الداخلي لهذا البلد الذي أنهكته الحرب والتدخلات الخارجية.
إن تغيير الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لإستراتيجيتهم في التعامل مع الحرب على الشعبين اليمني والليبي لا يستند إلى رغبة ذاتية أو لارتفاع منسوب الإحساس الإنساني لديهم أو استجابة للمطالب الدولية، وإنما بسبب فشل هذه الإستراتيجية في إنجاز أهدافها، ويأتي القرار الاستباقي لهذه الدول نحو المفاوضات السياسية تفادياً للوقوع في مطب خسارة التأثير في هذين الملفين الشائكين بالنظر للتدخلات الإقليمية والدولية فيهما.
من المعلوم والمؤكد أن المفاوضات السياسية لن تنحصر طاولتها بين القوى السياسية اليمنية والليبية ودول العدوان فقط، بل ستشمل الدول والقوى التي وقفت إلى جانب المعتدى عليهم، وهنا تكمن مشكلة أدوات أميركا في المنطقة، وخاصة الخليجيين منهم الذين يحصدون نتائج عكسية لتمويلهم المشاريع الأميركية والغربية ضد إيران.
يتفق جميع المتابعين للسياسة الأميركية ومراكز الأبحاث الإستراتيجية أن دور الولايات المتحدة في العالم اليوم ليس كما قبل عشر سنوات وليس كما قبل عشرين عاماً، وبالتالي ترتفع فاتورة الحفاظ على هيمنتها ويبدو ذلك واضحاً في منطقة الشرق الأوسط وشرق أسيا، ولكن هذا الأمر يصعب على أدواتها في المنطقة تقبله أو مناقشتة لتفادي عواقبه بل تعمل هذه الدول على تمويل أي مشروع عدواني أميركي تأمل منه تعزيز القوة الأميركية، وبدا ذلك واضحاً في تكفل الدول الخليجية بتسديد تكاليف التواجد العسكري الأميركي حينما هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسحب هذه القوات من قواعدها في بلدانهم.
بعد منح لجنة نوبل الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما جائزة نوبل للسلام في تشرين الأول عام 2009 أشعلت إدارته الحروب في العالم والتي ما زالت مستمرة حتى اليوم، وينتاب البشرية القلق من ذهاب لجنة نوبل إلى منح بايدن الجائزة نفسها بعد إعلانه إنهاء الحرب على اليمن وذهابه إلى تحقيق ما يروج له خبراء واشنطن العسكريين بإمكانية نشوب حرب نووية مع روسيا الاتحادية والصين.
معاً على الطريق- احمد ضوا