الثورة أون لاين- محمود ديبو
قد لا يكون من السهل مواجهة متاعب ومشكلات القطاع العام الاقتصادي، والتي تضاعفت وازداد عمقها خلال سنوات الحرب العدوانية على سورية، الأمر الذي قد تحتاج معه عملية إصلاحه إلى المزيد من البحث عن سبل لمعالجة واقعه، بما يحقق ذلك التغيير الإيجابي الذي تسعى إليه الحكومة من خلال اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي، واستعادة دوره في تحسين المؤشرات الاقتصادية.
ذلك أنه بالإضافة إلى حجم المشكلات والصعوبات التي تضغط على هذا القطاع، إلا أنها متنوعة وقد لا تتشابه فيما بينها، تبعاً لطبيعة عمل كل شركة أو مؤسسة اقتصادية عامة، وهذا ما قد تحتاج معه عملية الإصلاح إلى تناول كل حالة أو عدة حالات متشابهة فيما بينها ومعالجتها.
ولعله من المفيد القول إن البدء بالإصلاح يستلزم أولاً السؤال، ماذا نريد من هذا القطاع ككل ثم ماذا نريد من كل شركة صناعية أو خدمية أو غيرها بشكل محدد، وكيف يجب أن تكون عليه ما بعد عملية الإصلاح.
ونبدأ من إعادة النظر بالقوانين والتشريعات الناظمة لعمل كل قطاع وأحياناً كل مؤسسة أو شركة لوحدها، فالمتابع لمشكلات هذا القطاع والصعوبات التي واجهته يعلم تماماً أن هناك بعض النصوص القانونية التي لم تعد مناسبة للمرحلة الحالية، بسبب تغير الظروف والمستجدات التي طرأت.
ولعل هذا الأمر يندرج تحته مسألة تأمين التمويل وتغيير شكل الإدارة والهيكليات الإدارية الأنسب لأداء الدور المطلوب من كل جهة اقتصادية عامة، ونعود بالحديث هنا عن قانون العاملين الأساسي الذي قد لا يكون تطبيقه في المؤسسات والجهات العامة الاقتصادية مثمراً إلى الدرجة التي نتطلع إليها، بالنظر إلى أنه لا يميز بين طبيعة عمل المؤسسات والشركات، وبالتالي يكون من الصعب إنصاف العامل في بعض القطاعات التي تتطلب مهارات وخبرات وكفاءات مختلفة، ويتساوى مع مثيله في القطاعات الإدارية، لذلك يجب أن يحظى العامل المنتج بأفضلية وتميز، ولعل هذا ما جرى الحديث عنه تجسيد مفهوم العامل الشريك في توزيع الأرباح.
إلى جانب ذلك هناك القوانين المرتبطة بعمليات البيع والشراء والتي تحتاجها الشركات الإنتاجية وما يتطلبه عملها من المرونة تجنباً للوقوع في تأخير العمل وتباطؤه وبالتالي فوات منفعة وأرباح كان ممكن أن تحققها هذه الشركة أو تلك فيما لو تمكنت إدارتها من إنجاز التعاملات المالية بمرونة أعلى.
هناك الكثير من التفاصيل التي تحتاج الوقوف عندها والبحث في تأثيراتها على أداء القطاع العام الاقتصادي، ونتحدث هنا عن تفاصيل بالنظر إلى حالة الاختلاف والتنوع التي أشرنا إليها ما بين شركات ومؤسسات هذا القطاع.
وقبل كل هذا لا بد من القول أن القطاع العام بمختلف مجالاته الإدارية والخدمية والاقتصادية كان له الدور الأكبر خلال سنوات الحرب العدوانية على سورية، وثبت بالدليل القاطع أنه هو الضامن الحقيقي للاستمرار بتوفير متطلبات الحياة في بلدنا، الأمر الذي يعزز توجه الحكومة وسعيها لإعادة إصلاح هذا القطاع والدفع باتجاه أخذ دوره الفاعل والحقيقي بمختلف المجالات.