تتعاطى مع ما حولها، ببرودٍ لافتٍ لم تعهده في نفسها..
ما كان يشغلها سابقاً أصبح لا يقوى على تحريك أصغر رمش لديها..
وتصرّ على سيل تساؤلاتٍ وتداعيات:
تخيّل أن تكون نقطة ضعفك بعين الآخر، هي نقطة قوتك بعين نفسك..!
كيف يمكنك أن تنهض وتتحرك من صورة نمطية يصرّ الآخرون على تأطيرك ضمنها.. وسجنك داخلها دون أن يرغبوا بمنحك أي فرصة للخروج والتحرر منها..؟
كم من قوة تحتاج حينها، لطمس كل فظاعة أفعالهم وتصرفاتهم التي لا تمنحكَ سوى السلبي، تقاومه بكل ما تمتلك من عزيمة تتفاجأ من أين تستجلبها..؟!
كل ما طمرته تحت سابع أرض النسيان ينجح فيلم (أنا تونيا) بتحريكه داخلها.
ترنّ عبارة بطلة الفيلم (تونيا) طويلاً على مسمعها “أُنهي جميع قفزاتي وحركاتي بشكل متزن”.
لم تدرك راقصة التزلّج الفني تلك أن نقطة ضعفها، براعتها الفنية..
بالنسبة لها، لن يصعب عليها ملاحظة أنها تتشارك مع “تونيا”.. إتقان أسلوبية إعداد الذات صبراً على كل ما تمرّ به ويحيط بها.
فقفزاتها ليست مرئية.. لكنها من النوع المعنوي غير الملموس ماديّاً.
ودائماً ما شعرت بالزهو والاعتداد بنفسها حين تُنجز قفزة مضاعفة.. لا يهم أن يراها الآخرون.. المهم أنها تدرك حقاً ما هي عليه وما هي قادرة على إنجازه.
تعلّمت دائماً الاتزان على عكّازين.. فلا تنتقل للخطوة التالية في مسيرها إن لم تقف على أرض صلبة..
يبدو أنها أصبحت تقنية تُسيّر على أساسها مجمل حياتها وليس خطواتها وحسب.
فلا تخطو صوب أي فعل أو نقلة عملية إن لم تتأكد أنها ستنقلها إلى ما يحافظ على اتزانها وثباتها.
وبسرعة خاطفة، تتمكّن إحدى لقطات الفيلم من إعادتها إلى الواقع.. فكيف لأقرب الناس من تلك البطلة أن يمتلك الرغبة بكسرها وتحطيمها..؟!.
غالباً، الآخرون ينساقون لرغبة رؤية ضعفك وهشاشتك، ليس لأي شيء سوى لأن ذلك يمنحهم إحساساً وهمياً بالقوة..
فقط لو يدركون فظاعة ما يحيون به من وهم خادعٍ بالقوة.
وتتنبّه إلى عظمة الفن القادر على إيصالنا إلى أعمق نقطة في ذواتنا.. وانتشالنا بأيسر السبل.. ثم العودة بنا إلى سطح الحياة من جديد.. تأمّلها من موقعنا.. ومتابعة المسير وكأن شيئاً لم يكن.
رؤية – لميس علي