لا شك جميعنا يتابع هذا الحراك الثقافي والاجتماعي وتلك الأنشطة والفعاليات التي تمتد على مساحة وطننا الغالي، من احتفالات بالكتاب إلى المعارض التشكيلية والأمسيات الثقافية وأنشطة الأطفال وكأننا في عهد يتجدد وإصرار على انتزاع مقومات الحياة من بين براثن الأعداء الذين لايملون في اجتراح أشكال العداوة والضغط على الشعب، في محاولة لثنيه عن تمسكه بوطنه والنيل من عزيمته، ولكن وبقوة إيمانه وصموده ينهض من جديد ليتابع مهماته ودوره المنوط به دون كلل أو ملل، متسلحاً بقيم لا تزال راسخة في أعماقه ومبادئ تسكن وجدانه.
ولا أخفي سراً أن عبارة أطلقها الأب الياس زحلاوي استوقفتني ملياً عندما قال في رسالته للشعب السوري (على كل منا أن يحمل حجراً ليبني صرح سورية العظيم الذي يراد له أن يدمر) وفي مضمونها تحمل ما تحمله من أهمية أن يضطلع كل بدوره ومن موقعه من أجل بناء سورية قوية محصنة يتهاوى الأعداء على أبواب حصونها، وأهمية أن نوقظ في داخلنا حضارات خالدة نحن أبناؤها، لنبتكر أبجدية جديدة للنضال كما ابتكرنا أبجدية الكلمة والحرف والموسيقا والكرامة والسيادة.
اليوم ونحن نواجه العدو بلبوسه المتلون نحتاج مزيداً من الوعي، انطلاقاً من الأسرة التي تشكل حجر الأساس في المجتمع والعمل على تعزيز الوعي الفردي والجماعي بدورها في صون الهوية الوطنية وتعزيز المواطنة والقيم الأخلاقية والسلوكيات الإيجابية.
ولا يختلف اثنان أن الغزو الثقافي واستهداف الأسرة على وجه الخصوص هو استهداف ممنهج يسعى إلى تفتيتها، ومن الأهمية بمكان تحصينها حتى لاتنزلق إلى دروب الليبرالية التي لا تتلاءم مع نهج مجتمعنا ولاتمت لسلوكنا وتقاليدنا وعقائدنا بصلة.
تحديات كبيرة تواجهنا، والحرب العدوانية أرخت بظلالها القاتمة على مناحي الحياة كافة، ولكنها ليست الأولى، ففي كل مرة يجر العدو خيباته ويرحل، ويبقى الوطن شامخاً بأبنائه مقاوماً بجيشه صامداً بحكمة ربانه، وسيحمل كل منا حجراً لنبني صرح سورية العظيم.
رؤية- فاتن أحمد دعبول