منذ إعلان تأسيسه في السابع من نيسان عام 1947، شكل حزب البعث العربي الاشتراكي قوة وسنداً حقيقياً للأمة العربية، كونه عروبي التوجه، شعبي الإرادة، يسعى لوحدة العرب وبعث نهضتهم وحضارتهم العريقة، وقوة هذا الحزب استندت في الأساس إلى إرادة الجماهير الكادحة، وحريتها وتمسكها بوحدتها، وبرسالتها الخالدة ومكانتها الحضارية المتميزة بين شعوب الأرض، وخاض كفاحاً دؤوباً ضد الأخطار والتهديدات الاستعمارية والصهيونية، وقدم مناضلوه تضحيات كبيرة في سبيل الدفاع عن حاضر الأمة ومستقبلها.
اليوم وبعد 74 عاماً يخوض هذا الحزب مع الشعب السوري وجيشه البطل معارك البطولة والشرف ضد الإرهاب وداعميه، حيث فصول الحرب الإرهابية يشتد سعارها في ظل إصرار إدارة الإرهاب الأميركية بقيادة بايدن على استكمال النهج العدواني ذاته للإدارتين السابقتين “أوباما وترامب”، ونلاحظ كيف تعمد هذه الإدارة لإعادة هيكلة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “داعش والنصرة” لمواصلة الاستثمار بجرائمها، وكيف تعزز هذه الإدارة قواعدها الاحتلالية في منطقة الجزيرة لحماية تنظيماتها وأذرعها الإرهابية، ومدها بكل أشكال الدعم العسكري والمالي لتعطيل الحل السياسي وإطالة أمد الحرب العدوانية، فضلاً عن مواصلتها سرقة ثروات السوريين النفطية والزراعية، وتشديدها إلى جانب أتباعها الأوروبيين الخناق على الشعب السوري عبر مواصلة حصاره وتجويعه، بهدف كسر إرادة صموده في تصديه لهذه الحرب بكل أشكالها وعناوينها.
هذه الحرب الإرهابية، لا شك أنها تأتي في سياق مؤامرة غربية قذرة، تستهدف سورية بشعبها وجيشها ودورها الفاعل والمؤثر على الساحة الدولية، وهي أيضاً تستهدف البعث كحركة قومية عربية أثبتت إرادتها القادرة على الكفاح المستمر، فنجاح البعث في سورية، وإثبات قدرته على الصمود والمواجهة، ومساهمته إلى جانب الحلفاء في إحباط كل أشكال المؤامرات من أجل بناء نظام علاقات دولي أكثر توازناً وعدلاً، دفع الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين لحشد قواهم وكل إمكانياتهم لشن هذه الحرب، بهدف تدمير سورية، لما تشكله من حائط سد منيع أمام المخططات والمشاريع الصهيو-أميركية التي تستهدف شعوب المنطقة بأكملها.
فالبعث كان ثورة على التخلف والتبعية والتجزئة، ومبادئه العظيمة تجسدت في سياسة سورية – قلب العروبة النابض- حيث آمن بالقومية العربية كمشروع إنساني تتحقق عبره نهضة هذه الأمة في كل مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، واستطاع في ظل التحديات الاستعمارية التي تهدد المنطقة أن يتبنى نهجاً مقاوماً، يحافظ على الثوابت الوطنية والقومية، وقد نجح في التعامل مع هذه التحديات لأنه يمتلك بنية فكرية عقائدية قادرة على التجديد والتطوير، ونهجه القومي ازداد رسوخاً بعد ثورة الثامن من آذار المباركة، وبعد الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، حيث حققت سورية مكانتها القومية المشرفة، نتيجة دفاعها عن حقوق الأمة العربية، وتفردت بدعمها للمقاومة العربية.
إذاً ذكرى تأسيس البعث تأخذ اليوم معاني ودلالات كبيرة، تؤكد أن إرادة السوريين يستحيل كسرها، ولا يمكن أن ترضخ، أو تساوم، أو تتنازل، أو تفرط بذرة من تراب الوطن، وتؤكد أيضاً أن الشعب السوري أكثر صلابة في تمسكه بوحدته الوطنية، وأكثر عزيمة على المضي قدماً في تصديه للإرهاب الدولي العابر للقارات، وداعميه وحماته في الغرب الاستعماري والأنظمة الإقليمية المرتهنة لذاك الغرب المتصهين.
البقعة الساخنة- ناصر منذر