تطالعنا قصص التميز والتألق في الساحات الثقافية وفي غيرها من الفنون، وتتمايز الأعمال بتفوقها سواء على صعيد السينما أو الفنون التشكيلية أو الدراما السورية التي استطاعت أن تحتل مرتبة الصدارة في غير بث فضائي، مايؤكد يوماً بعد يوم التحدي الكبير الذي يعيشه المبدعون من أبناء جلدتنا، في ظل ظروف هي الأكثر شراسة وقسوة على الصعد كافة.
وهذا مايؤكد وفي جانب آخر للحياة، دور المبدع في وطنه، فهو رسول المجتمع إلى الشرائح كافة، يعايش ظروفهم، يكابد معاناتهم، ويحلّق مع أحلامهم، وهو قبل كل ذلك لسان حالهم في السرّاء والضرّاء، انطلاقاً من إيمانه بأن الأدب والفن هو مرآة تعكس الواقع ولكنّها مرآة صادقة تنبع من صميم الواقع وتحدياته، وتغوص في قضايا المجتمع العادلة التي تحقق الخير والسعادة والرفاه للجميع.
وعندما يعي المبدعون دورهم في المجتمع، فهذا لاشك يحمّلهم مسؤولية كبيرة في طريقة التوجه لمجتمعهم وكيفية توجيه رسائلهم لزرع القيم وتكريس قيمة مضافة تكون زاداً ومعيناً لاينضب، تتناقله الأجيال وتتسلح به في ظل ذاك الغزو الثقافي والعولمة التي تكاد تقضي على تراثنا وتمحو إرثاً من الحضارة كتبه أجدادنا بحبر من دمائهم.
وهنا نقف عند جواب الكاتب توفيق الحكيم عندما سئل لماذا تكتب قال:” لأن الفنان والأديب لابدّ أن يكون له وجهة نظر في الحياة والناس والأفكار .. فهو ليس مجرد متفرج، إنه متفرج وصانع لمجتمعه في وقت واحد ..”.
وهذا بيت القصيد، فنحن اليوم نعيش صراعات عديدة في مواجهة عقوبات توجّه لشعبنا عبر عناصر الإرهاب ومن يقف خلفهم، وخطوات جادة في إعادة البناء، بناء البشر قبل بناء الحجر، مايتطلب من الأدباء تعزيز دورهم في المجتمع لبث الوعي في صفوف الشباب والأخذ بيدهم وترسيخ إيمانهم بوطنهم والتمسك بقيمهم مع التفاعل الواعي بتطورات العصر وتقنياته الحديثة والتشجيع على فعل القراءة لإغناء عقولهم بزاد لاينضب ومعين من المعرفة لايضاهى.
ولأن المبدع ربما هو الأقدر على سبر النفس البشرية، فليكن صانعاً للمجتمع فاعلاً .. وليس متفرجاً.
رؤية – فاتن أحمد دعبول