منذ إنشاء الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين وإقدامه على قتل وتهجير شعبها والاستيلاء على أملاكه وأرضه ومقدساته بمبررات زائفة وأكاذيب واهية فضحتها الوقائع اليومية على الأرض، حاول الصهاينة المحتلون إقناع العالم بأن فلسطين هي أرض بلا شعب، لتكون الـ73 عاماً من عمر كيانهم الشاذ واللقيط حرباً متواصلة لم تنقطع يوماً مع أصحاب الأرض الحقيقيين الذين تشبثوا بها مقاومين الاحتلال بكل الوسائل المشروعة المتوافرة بين أيديهم، في حين وقف العالم (المتحضر) كشاهد زور على الجريمة الصهيونية المستمرة، بحيث لم ينل الفلسطينيون سوى التعاطف الدولي و(القلق) الذي لا يرد ظالماً ولا ينصف مظلوماً ولا يحفظ حقاً .
واليوم يرتكب الاحتلال جريمة جديدة في فلسطين المحتلة بحق حي الشيخ جراح المقدسي، حيث يشهد هذا الحي منذ مطلع شهر رمضان مواجهات عنيفة بين جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين وأبناء القدس المحتلة رداً على محاولات إخلاء الحي من سكانه العرب واستكمال تهويد المدينة المقدسة، كما شهد المسجد الأقصى حصة من هذه المواجهات التي أسفرت بمجموعها عن عشرات الجرحى بين الفلسطينيين.
تأتي أحداث القدس اليوم لتؤكد مرة جديدة أن الاحتلال مستمر بمخططاته الدنيئة لإفراغ القدس من أهلها، والاستيلاء عليها كعاصمة موحدة لكيانه الإرهابي الغاصب، في تنكر سافر لكل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية التي تدعم حق الفلسطينيين في استعادة أرضهم ومقدساتهم، وتطالب الاحتلال بالانسحاب الكامل إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967.
ما يرتكبه الاحتلال بحق أبناء القدس المحتلة اليوم يؤشر في جزء كبير منه إلى عمق الأزمة الداخلية التي يعانيها، وإلى فشل كل مخططاته المستمرة لاستكمال صفقة القرن المشبوهة، حيث لم تشفع له ترسانته العسكرية الهائلة، ولا الدعم الأميركي والغربي، ولا جرائمه المستمرة في إجبار الفلسطينيين على الاستسلام والخضوع والقبول بشروطه المذلة، كما لم تفلح مسرحية (السلام) والتطبيع التي أخرجها له دونالد ترامب في خداعهم، ولم تنجح محاولاته اليائسة لتصدير أزماته العميقة إلى الخارج، فها هم أبناء فلسطين يعيدون الأمور إلى المربع الأول، مؤكدين بدمائهم الزكية عدالة وقدسية قضيتهم، وعمق انتمائهم وتجذرهم بأرضهم ووطنهم.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود