من أهم ميزات فن الموسيقا والغناء العربي في العصر الذهبي، أنه كان لكل مطرب أو مطربة خط أسلوبي واضح، لايحيد عنه في حالات التنقل بين ألحان هذا الموسيقار أو ذاك ، وكان الجمهور ينتظر بشوق بالغ أغاني خاصة جديدة لهم في كل موسم ، حتى مطربو الدرجة العاشرة في الماضي ، لم يقدموا أغاني الآخرين إلا في حالات استثنائية ونادرة، بخلاف أو بعكس مغنيات اليوم، وفي مقدمتهن خريجات المعهد العالي للموسيقا في دمشق، فهن في نهاية وصلاتهن الغنائية يقدمن أغاني الزمن الجميل بأداء متقن، رغم أنهن اشتهرن بأغنيات خاصة ، ولا نعلم إن كانت هذه محاولة استنجاد أو إفلاس فني ، وعلى سبيل المثال : أدت المطربة الراحلة ميادة بسيليس بصوتها أغنيات قديمة كثيرة، رغم نجاح وشهرة أغنياتها الخاصة، ومن الأغاني القديمة التي استعادتها بصوتها: آمنت بالله للور دكاش والأمل لأم كلثوم ، ومعظم مطربي ومطربات الزمن الأخير استعادوا أغنية محمد عبد الوهاب يامسافر وحدك ( وفي مقدمتهم ليندا بيطار وميس حرب ) .
في الماضي كان لقب مغنٍ أو مغنية يعني أن حامله لم يصل إلى درجة يستحق فيها لقب مطرب أو مطربة، أما اليوم فيلصق هذا اللقب بأبرز المطربات الأصيلات ، ومن ضمنهن اللواتي يقدمن أمسيات على مسرح دار الأوبرا . لينا شماميان تدمج في أغنياتها بين ثقافتين، وتؤدي أغنيات من التراث بأسلوب فريد وخاص . لبانة قنطار غنت لأسمهان من ألحان فريد الأطرش ( ليالي الأنس ) وأبدعت.. ونجد أغنيات لإيناس لطوف ووعد بو حسون وشمس إسماعيل وكارمن توكمه جي وعبير نعمة ولينا صالح وغيرهن بعضها قديم وآخر خاص.. ولكن يبقى السؤال المحيّر: لماذا لم نشاهد مطربة أكاديمية استطاعت أن تعتمد على أغنياتها الخاصة فقط، كما كانت حالة مطربات الأمس ، هل هي أزمة ملحنين وكتاب أغنية أم إنها أزمة مطربات، لاشك بأن اللحن هو الأساس في شهرة أي أغنية، وحين كان يوجد موسيقار عبقري في الماضي، كان يتبنى الأصوات القادرة، ويوصلها إلى رحاب الشهرة الواسعة، ويدخلها أحياناً في رحلة الخلود الفني .
رؤية -أديب مخزوم