لم يكن ليخطر ببال أحد من أصحاب المشروعات الصغيرة وخاصة في هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، أن يستفيقوا على قرارات وإجراءات من شأنها زيادة الأعباء المادية (ضريبياً) وبشكل غير متوقع، الأمر الذي دفع بالبعض للتفكير باتجاه إيجاد حلول لتجنب ما سيترتب عليهم من زيادات غير متوقعة من رسوم وضرائب على أعمالهم.
يأتي هذا في وقت شهد اهتماماً وتركيزاً على دعم المشروعات الصغيرة والتخفيف عنها وإيجاد الظروف المناسبة لإنعاشها وضمان استمرارها وتوسعها مستقبلاً لتطوير الإنتاج وزيادته، وكان أحد أهم الخطوات التي قيل أنها ستتخذ في هذا المجال عدم إلزام أصحاب تلك المشروعات بالحصول على التراخيص اللازمة في حال لم يتم الحصول عليها، وعدم مطالبتها لمدة عامين قادمين.
وكان للإعلان عن إطلاق مشروع التمويل الأصغر الصدى الأكبر في نفوس أصحاب المشروعات الناشئة والصغيرة لتأمين مصادر تمويل بشروط ميسرة بما يخدم تطوير أعمالهم وتنميتها والتوسع بها.
إلا أن المفاجأة طغت على كل هذا التفاؤل وجرعات الحماس التي تلقاها هؤلاء بعد أن استفاقوا على طلبات جديدة تبدأ بإصدار السجل التجاري والصناعي، مروراً ببعض الرسوم والأعباء المالية المترتبة على ذلك، وبما يوصل إلى الالتزام بالشروط المطلوبة من كل منشأة صغيرة.
هذا الأمر كما قلنا أثار قلق الكثيرين من أصحاب الورش والمشروعات بسبب ما سيترتب عليهم من دفع مبالغ مالية تفوق قدراتهم وتتسبب بأعباء ستؤثر سلباً على ايقاع العمل في ظل محدودية إمكاناتهم وقدراتهم، وعدم تمكنهم من تحمل المزيد مما يجب تسديده للدوائر المالية وغيرها.
مجمل الحديث يتركز حول مصير أصحاب تلك المشروعات الصغيرة ومن يعمل لديهم من عمال وعاملات والذين كانوا قد أوجدوا لأنفسهم مصادر دخل بأقل التكاليف وأبسطها، لكنها تساهم في رفد العملية الإنتاجية وتقديم السلع والمنتجات المختلفة إلى السوق المحلية.
إن التفكير بزيادة الرسوم والضرائب قد يساهم في رفد الخزينة العامة بمبالغ إضافية يمكن توجيهها نحو مشروعات تنموية أو خدمية أو غير ذلك، لكنها في الوقت نفسه قد تتسبب بمزيد من الإرهاق المترتب على أصحاب تلك المشروعات الصغيرة التي يجب أن يتم تشجيعهم وليس التضييق عليهم، وخاصة في ظل الظرف الاقتصادي الضاغط الذي نعيشه اليوم.
حديث الناس – محمود ديبو