الثورة أون لاين – ناصر منذر:
جعبة الولايات المتحدة ما زالت متخمة بالسيناريوهات العدوانية، وهذا واضح من خلال جرجرة حلفائها لرسم مشهد جديد في سياق الحرب الإرهابية التي تقودها ضد الشعب السوري، اجترار الأكاذيب من قبل المشاركين في اجتماعي روما الأخيرين يعكس بشكل واضح الإصرار الأميركي والغربي على حماية ما تبقى من تنظيمات إرهابية، والتمادي في تجاهل الدول المتآمرة لمسؤوليتها المباشرة عما آلت إليه أوضاع السوريين نتيجة الإرهاب المنظم والممنهج الذي تدعمه بكل الوسائل والسبل.
العمل على إطالة أمد الحرب، ومعاناة السوريين، هو العنوان العريض لمخرجات اجتماعي روما، والهدف أميركي بامتياز، لمحاولة إنقاذ المشروع الصهيوني في إضعاف سورية واستنزاف مقدراتها كبوابة عبور تتيح للكيان الغاصب التمدد والتوسع في طول المنطقة وعرضها، فمنع الدولة السورية من إعادة بسط سيطرتها على كامل أراضيها تحت عنوان توسيع المعابر الحدودية اللا شرعية بذرائع إنسانية، وإبقائها تحت سيطرة الإرهابيين وداعميهم من قوات المحتلين الأميركي والتركي، يمنح الكيان الصهيوني فرصاً أخرى للتغلغل أكثر داخل المناطق التي يحتلها إرهابيو”النصرة وقسد”، ألم يشرع أولئك الإرهابيون الأبواب على مصراعيها لدخول استخبارات ذاك العدو وعملائه؟.
الاستمرار باستغلال الأوضاع الإنسانية كورقة ضغط وابتزاز أميركية، يترجمها مشروع القرار الجديد الذي تم طرحه في مجلس الأمن بشأن فتح ممر ثان لنقل “المساعدات” عبر الحدود اللا شرعية، ما يفضح مجدداً أجندات الدول الغربية بمواصلة العمل على خرق السيادة السورية لمصلحة الإرهابيين المستهدفين بالمساعدات المزعومة، وبالاستمرار في سياسة المتاجرة الرخيصة بمعاناة وآلام السوريين، بهدف تحويل مجلس الأمن إلى منصة أخرى للعدوان والضغط والابتزاز، وكان الأجدى بتلك الدول أن تعالج الأسباب الرئيسية لمعاناة السوريين بحال كانت صادقة في مزاعمها الكاذبة، فمواصلة دعمها للإرهاب، وتشديد الحصار والعقوبات، وعمليات النهب المنظمة لثروات السوريين، هي أسباب تردي الأوضاع الإنسانية، والقضية ليست مسألة معابر حدودية.
إعادة إحياء “داعش” ما زال على رأس أجندة إدارة بايدن، وتحشيد الحلفاء في روما تحت كذبة توحيد الجهود لمكافحته، هو في الحقيقة لإيجاد آليات تنسيق جديدة تساعد التنظيم الإرهابي على التوسع والتمدد مجدداً، بعد هزائمه أمام الجيشين العربيين السوري والعراقي، وقد أثبتت الحقائق الميدانية، والمدمغة بالصور والوثائق أن أميركا وتحالفها المزعوم لم يستهدفوا يوماً أوكار داعش، وإنما منازل المدنيين بذريعة محاربته، فارتكب ذاك التحالف عشرات المجازر بحقهم، وشردهم من أرضهم وبيوتهم لإخلاء الساحة لمرتزقته، وسبق أن اعترف باستخدامه قنابل الفوسفور الأبيض في جرائمه، ما يثبت حقيقة أن دول التحالف التي صنعت “داعش” ليست بوارد القضاء على منتوجها الإرهابي، وإنما البحث في إمكانية إعادة ضبطه، وتعويمه على الأرض السورية، وتنشيط خلاياه النائمة في العراق.
ما خرج به المشاركون في اجتماعي روما هو ترجمة لما يدور في العقلية الأميركية المتغطرسة، ولنزعتها تجاه تأجيج الأوضاع في سورية، لمحاولة احتواء الفشل المتراكم في سياستها، ولكن هل تحقق أهدافها العدوانية؟.. صلابة السوريين وقوة إرادتهم تؤكد استحالة هذا الأمر.