الثورة أون لاين- محمود ديبو
من دروس التاريخ قرأنا كيف تصنع الحروب في الدول التي تطالها ويلاتها، وكيف تؤول حال الناس والبلاد، وأشكال المعاناة وحجم الآلام التي تسوقها، ولا بد وأن تترك جراحاً يطول شفاؤها.
إلا أن الحرب العدوانية على سورية فاقت كل ما قرأناه في دروس التاريخ وعبره، وتخطت كل ما يمكن أن يتصوره إنسان لجهة حجم الحقد والتكالب والتآمر منقطع النظير الذي اجتمعت عليه عشرات دول العالم ضد بلد آمن يعيش بسلام وطمأنينة وينشد السلام والخير لكل شعوب الأرض.
ومع كل ويلات الحرب والجرائم البشعة التي ارتكبت بحق سورية وشعبها ومؤسساتها بقيت الحياة نابضة في عروق الوطن وشرايينه بفضل تضحيات جيش باسل واجه ودحر كل أشكال العدوان وطهر الأرض من دنس الإرهاب وداعميه.
واليوم تزداد الهجمة على البلاد بعد أن فشلت قوى العدوان والغدر في حربها العسكرية، لتتحول إلى حرب اقتصادية تستهدف لقمة عيش المواطن السوري ولتضغط على معيشته في محاولة للتأثير على مواقفه الوطنية الثابتة وتمسكه بأرضه ووطنه، وحرفه عن المسار القويم لتحقيق مآربها العفنة في بلادنا.
ورغم كل الضغوطات والصعوبات المتنوعة التي تعيشها البلاد في ظل هذه الظروف الخانقة، كان صدر الدولة السورية أوسع ورؤيتها أبعد من أن تترك المواطن في مواجهة خاسرة مع قوى البغي الهادفة إلى تجويعه وحرمان أطفاله من أبسط مقومات الحياة.
وتأتي زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة اليوم لتعبر عن عمق هذه الرؤية للدولة السورية، رغم كل ما تواجهه من ضغوط وأشكال مختلفة من التحديات، فهي وإن كانت تغطي جزءاً من احتياجات المواطنين، إلا أنها تعطي شعوراً وتعزز الثقة بأن الدولة لا تزال قائمة وتساهم في التخفيف من آثار العدوان على مواطنيها بكل السبل وبكلّ الأشكال، ولنا هنا ألا ننسى أن الأنفاق الذي تتحمله الدولة على أعمال المواجهة العسكرية والاقتصادية تفوق قدرات دول كبيرة، ومع ذلك تستمر الدولة في الاضطلاع بهذه المهمة التي حررت من خلالها الأرض واستعادت السيادة على معظم الأراضي السورية التي دنسها الإرهاب.
هي فاتورة كبيرة تدفعها الدولة السورية لتستعيد الأمن والأمان ولتضمن استمرار نبض الحياة في مختلف مفاصل الدولة وفعالياتها، دون أن تغفل عن دعم المواطن على المستوى الفردي وتساهم في التخفيف من آثار هذا العدوان الذي تنوء عن حمله دول عظمى.