حتى لا تضيع لغة الضاد.. لجنة تمكين اللغة العربية بحمص تعيد إحياء الرابط الأقوى لمواجهة الهجمة الغربية على لغتنا
الثورة أون لاين – تحقيق – سلوى إسماعيل الديب:
إذ كنا في بلاد تنطق بلغة الضاد، فكيف لا يتقنها أولادنا؟ ويتبجحون بالحديث بلغات أجنبية، رداً على هذه الظاهرة أحدثت لجان لتمكين اللغة العربية على امتداد القطر فكان لنا وقفة مع المشاركين والقائمين في إحدى المسابقات التي قامت بها لجنة تمكين اللغة العربية بحمص.
* حافز للاطلاع والقراءة..
تحدث طالب الثانوية “محمود حيد حماد” الحاصل على المرتبة الثالثة بالشعر عن تجربته بالمشاركة قائلاً: كنت أكتب القصة القصيرة، ولدي محاولات جديدة لكتابة الشعر والنثر والمسابقة فرصة للتعلم من أخطائي من خلال المشاركة، وقد حفزتني هذه التجربة لتزيد نسبة قراءتي ودفعتني للكتابة بطرق مختلفة.
وأشارت الأديبة “خديجة بدور” لموهبة حفيدها “حماد” وتميزه في كتابة القصة حيث نشرت له صحيفة العروبة العديد من القصص وأضافت: لديه كتابات نثرية مميزة وقد حفزته المشاركة في المسابقة لكتابة القصيدة النثرية، حيث إنه حصل على مرتبة بفوز قصيدته المشاركة، ويعمل حالياً على طباعة باكورة نتاجه الأدبي مجموعته القصصية لتكون المسابقة انطلاقة لكتابته القصائد النثرية والتفعيلة.
* تحفز الجرأة..
وتحدث الشاعر “بشار الجهني” عن مشاركة قريبته “راما الجهني” الحاصلة على المركز الثالث على مستوى المرحلة الابتدائية لمشاركتها في الشعر بأنه حفز الجرأة لديها وزادت مداركها اللغوية واطلعت على الكثير من المفردات الجديدة، حيث عملت على تقوية نفسها باللغة، ومن خلال التكرار اكتشفت أخطاءها، وتحسَّن أسلوبها في الإلقاء..
وأضاف: هذه المسابقات ضرورية وهامة لتدعيم اللغة العربية في عصر الانحدار الثقافي والفكري والهجمة الغربية على اللغة العربية، ومحاولة تشويه ثقافتنا وتراثنا، فلا بد من عمل القائمين على اللغة وأصحاب الشأن من اتخاذ إجراء إسعافي أولاً للنهوض بلغتنا التي هي أساس حضارتنا، ودعمها أمام الهجمة الشرسة التي لا تقل ضراوة عن ما يقوم به الإرهاب في ساحات المعركة، لابد من تضافر الجهد من المسؤولين لإعادة تقوية اللغة العربية ودعمها، ورعاية الأطفال الذين هم أساس المستقبل..
* تعزيز الثقة بالنفس..
وقد عبَّرت الطفلة “نايا يحيى مدلج” عن سعادتها بالمشاركة، وبأن المسابقة عززت ثقتها بنفسها، وأكسبتها مهارات جديدة باللغة العربية وأنها تتمنى أن تتكرر
وتحدث والدها عن التجربة، قائلاً: بغض النظر عن ترتيب الطفلة، مجرد المشاركة هو تحفيز للأطفال للاهتمام باللغة العربية والشعر، كون الشعر ديوان العرب، فالشعر عبرَ التاريخ العربي صوَّر بطولات العرب وحياتهم المعيشية من حياة قبلية وغيرها، وهذه المسابقات ضرورية ليهتم أطفالنا بهذا الجانب الأدبي ويحفزهم على الاهتمام باللغة، وتحسين لغتهم ومخارج حروفهم ونطقها بشكل صحيح والاهتمام بالنحو والصرف واللغة بشكل عام، وقد انعكست المشاركة على طفلتي وكذلك أختها فأصبحتا أكثر اهتماماً بحفظ للشعر..
* دافع للقراءة..
أما والد الطفلة “رغد علي قنص” ذات العشر السنوات التي حصلت على المرتبة الأولى جيد جداً عن إلقائها قصيدة “أنا الدمشقي” للشاعر نزار قباني فعبَّر عن سعادته بهكذا مسابقات، وتمنى أن تتوجه نحو الأفضل وأن تقام دائما، وتحدث عن تجربة ابنته بأنها أكسبتها مهارات لغوية ومهارة بالإلقاء، وتمنى أن تتطور هذه المسابقات وتصبح على مستوى أعلى، أما المشاركة “رغد” فتحدثت عن سعادتها بالمشاركة بالمسابقة وأنها أعطتها دافعاً للقراءة أكثر..
الشاعرة “فاطمة الحسن” قريبة الطفلة “ساره إسماعيل” الحاصلة على المركز الثالث تحدثت عن مشاركة الطفلة بقصيدة لنزار قباني” قائلة: هذه المسابقات لتشجيع مواهب الأطفال وتنمية مداركهم لتشجيع هذا الجيل الناشئ الذي اعتاد الأدب الهابط، وهي حركة مميزة في سماء حمص..
* وسيلة لإبعاد الأطفال عن النت..
أما والدة الفائزة بالمركز الأولى بالشعر “زينب نزار عفشي” ذات 11 سنة فوجهت الشكر للجنة على هذه المبادرة، وعلى الجهود المبذولة لإعادة تشجيع اللغة العربية في وقت انشغل أطفالنا بالنت والانترنت والألعاب الالكترونية، وقالت: من خلال هكذا مسابقات نعيد استذكار شعرائنا كالشاعر نزار قباني وعدد كبير من الشعراء وهي خطوة هامة..
أشار والد الطفلة لتميز التجربة في هذا الوقت العصيب من الحرب التي مرت على سورية، وأن اللغة العربية لغة متميزة يجب أن تنال مكانتها الرائدة في العالم..
* دافع الاهتمام بالأطفال لغوياً..
وقد عبَّرت المشاركة “هاجر الصالح” عن محبتها للشعر كونها من السبعة الأوائل عن مشاركتها بقصيدة “أفديك ” للشاعر عمر الفرا التي أهدتها للرئيس بشار الأسد، وأكدت بأنه لا يمضي يوم دون أن تقرأ أحد القصص النبوية أو المغامرات..
ومن المشاركين “مجد الدين جبور” الفائز بالمرتبة الثانية عن النص النثري في الصف الثاني الثانوي، والطفلة “لور الجوجو” من الصف الثاني والمشاركة “آية معروف” صف أول ابتدائي تناولت والدتها “لمى الأحمد” تجربتها قائلة: شاركت بقصيدة “أنت وأنا” وحصلت على مرتبة جيد جداً، نحن نعمل على الاهتمام بها لغوياً منذ وقت مبكر، وهي تحب أن تحفظ فأنتقي لها قصائد لها معنى..
* تأكيد على مكانة اللغة…
أما الموجه التربوي “نزار بدور” فقال: ما تقوم به هذه اللجنة مميز وهو عمل تشجيعي وتأكيد على مكانة اللغة العربية من الجاني الوظيفي والإبداعي، ويشجع على تحقيق مكانة اللغة في البعد الاعتباري لها في الأصالة والانتماء والتواصل والحضور وتفاعل الأجيال، وتأكيد المهارات الوظيفية لجماليات اللغة العربية.
أما والدة المشارك “حيدر معروف” من الصف الرابع “زينب العلي” فقالت: شارك بقصيدة “عصي الدمع ” للشاعر “أبو فراس الحمداني”، وأهم مميزات هذه المسابقة قدرة الطفل على إظهار مخارج الحروف بشكل جيد والمتابعة الدقيقة لمفردات اللغة العربية التي تخللها صعوبات، لكن قدرة الطفل على التمرين وحبه للغة العربية تجاوز هذه العثرات بكل حب..
وأشارت لضرورة المنافسة ولإخراج وإبراز إمكانيات الطفل وتقويتها وصقلها لنصل به لأفضل المراتب بالحياة..
* محافظ حمص: لغتنا هويتنا..
تحدث محافظ حمص بسام بارسيك بأن هذه المسابقة التي أقرتها وأطلقتها اللجنة الفرعية لتمكين للغة العربية في مجال الإلقاء والتأليف جاءت كخطوة أولى نحو مسابقات أعم وأشمل في مجالات اللغة العربية الواسعة والمتنوعة، بهدف إعادة إحياء اللغة العربية، والتأكيد على أهميتها ومكانتها، فهي ليست مجرد لغة تواصل وتعبير، هي هويتنا وعنوان عروبتنا، ومصدر فخرنا، وهي الرابط الأقوى الذي يجمعنا ويوحدنا ويثبت جذورنا في أرضنا ووطننا، هي تراثنا وحضارتنا، لذلك طالما كان العمل على تشتيتها وإضعافها هدفاً يسعى إليه المعتدين والطامعين، تفكيك وحدة الشعب السوري وحرمانه من هويته العربية والوطنية والقومية.
وأضاف: لغتنا العربية لغة الضاد لغة القرآن الكريم، لغة الإيضاح والبيان واسعة المجالات، نافذتنا على جميع الثقافات، ويجب علينا إيلاؤها الأهمية الأكبر، والعمل على ترسيخها وتقويتها من خلال تكثف الأنشطة والفعاليات في جميع القطاعات الثقافية والإعلامية والتعليمية وغيرها من المؤسسات التي تعنى باللغة العربية، ما يعيد لها ألقها ويساهم في تعزيزها وازدهارها.
* صعوبات وإيجابيات..
أما عضو لجنة التحكيم الدكتور “أحمد دهمان” فقال: المسابقة هي شكل من أشكال النشاط الذي تقوم به لجنة تمكين اللغة العربية، وهي التجربة الأولى بالنسبة للجنة الحالية، وقد واجهتنا بعض الصعوبات وكان فيها جوانب إيجابية، وهي مقدمة لمسابقات قادمة وقد استفدنا فائدة كبيرة من تحديد سن المشاركين، لأنه في هذه المسابقة اختلط الحابل بالنابل فالمشارك في المرحلة الابتدائية كالمشارك بالمرحلة الثانوية، وهذه مستويات متفاوتة، لذلك اقترحت على السيد المحافظ رئيس اللجنة بصفتي نائب رئيس اللجنة أن يكون في المسابقات القادمة لجان تحكيم بمستوى من يقوم بعملية التدريس حتى لا ينال أحد من مستوى التلميذ.
وأضاف: أنا دكتور جامعي وقد منحت ما تجاوز 100 شهادة دكتوراه في الجامعات السورية فلا يمكنني تقييم طالب صف ثالث ابتدائي، كما أقيم طالب الدكتوراه ففي الأمر إجحاف بحق المشاركين، ولابد من أن يكون هناك أسس ومعايير موضوعية، وقد تعرضنا لمجموعة مواقف حيث كل ولي أمر مشارك يعتبر ابنه مركز الكون ويجب الفوز..
* توزيع العلامة..
وأشار بأن العلامة تعطى على النص المقروء والإلقاء وهو المعيار الأساسي، أو النص المكتوب وهنا يجب التأكد من أنه هو من كتبه وليس أحد من ذويه..
* مستمرون بهذه المسابقات..
وأشار عضو اللجنة “مأمون الشامي” بأن الهدف من المسابقة تعزيز وتمكين أركان اللغة العربية، وأن اللجنة الفرعية بحمص قد قامت بعدة مبادرات ومنها هذه المسابقة للصغار والناشئين حيث يشارك الصغار بإلقاء قصائد وطنية باللغة الفصحى، أما الناشئة من الصفوف الثانوية فالتأليف سواء كان نثراً أو عمودياً، وقام السيد المحافظ بتكريم 19 طفلاً وثلاث شبان في الثالث الثانوي، وأكد بأنهم مستمرون بهذه المسابقات، وستكون دورية، وبأن اللجنة ستقوم بدورات للعاملين، ويعملون الآن بالتحضير من خلال التعميم على الجهات العامة لترشيح متدربين لتمكين اللغة العربية وأصول المراسلات…
* أول مسابقة من نوعها..
أما الأديبة “ميمونة العلي” عضو لجنة التحكيم فقالت: هي المسابقة الأولى من نوعها في سورية التي تقام على وسائل التواصل الاجتماعي تقيمها لجنة التمكين للغة العربية في حمص، حيث يتم نشر فيديوهات تلاميذ المرحلة الابتدائية وهم ينشدون نصوصاً وطنية إنسانية على صفحة لجنة التمكين اللغة العربية في حمص، ثم يتم احتساب النتيجة، بحيث يكون للتصويت على الفيس بوك خمسون بالمائة، وللجنة التحكيم خمسون بالمائة، ثم حساب المعدل الوسطي للنتيجتين لتحديد الفائزين، وقد تم تقسيم الطلاب المشاركين إلى ثلاث فئات (ممتاز، جيد جداً، جيد)، وتم توزيع شهادات تقدير لجميع المشاركين وجوائز مالية، من قبل رئيس لجنة التمكين محافظ حمص، في النسخة الثانية من المسابقة سيتم مراعاة الفروق العمرية بين الطلاب بحيث يتم مراعاة الصفوف الأولى وتمييزهم من الصفوف المتقدمة، كما سيتم فصل طلاب المرحلة الإعدادية من المرحلة الثانوية، علماً أن مسابقة النسخة الثانية ستكون متخصصة في القصة.
* علامة فارقة..
وأضافت: المسابقة شكلت علامة فارقة على مستوى لجان التمكين للغة العربية في سورية، وكانت بمتناول الطلاب على صفحات التواصل بحيث يستطيع أي تلميذ المشاركة، ثم تكتمل اللوحة بالتكريم المادي والمعنوي من قبل رئيس لجنة التمكين محافظ حمص المهندس بسام بارسيك وهو يدعم ويشجع بحماس منقطع النظير لكل فكرة عملية قابلة للتطبيق في سبيل دعم اللغة العربية الفصحى، ودعم اهتمام التلاميذ بلغتنا الفصحى وقد أطلق النسخة الثانية من المسابقة بحماس وتشجيع.