لطالما ذَكَّرَتنا النظريات العلمية سواء في علم الاجتماع أم علم النفس وحتى في الفيزياء وغيرها أن هناك متغيرات تطرأ على العناصر والأجسام بفعل مؤثرات خارجية أو ذاتية، فقد قيل في علم الاجتماع أن دوام الحال من المحال، كذلك نجد ما يسمى بالنظرية النسبية التي تتحدث عن تعذر وجود حالة “المطلق” بالمعنى الكامل للمفهوم، إلى جانب ذلك نرى أن الحديد مثلاً وهو أحد العناصر الطبيعية يتأثر بالحرارة والرطوبة ويتأكسد وتتغير حالته الفيزيائية مع مرور الزمن.. وغير ذلك الكثير.
وقد نكون جئنا هنا ببعض الأمثلة البسيطة والأكثر تداولاً ومعرفة لدى الكثيرين، لتكون مدخلاً لحديث يرتبط بضرورة إعادة النظر بالكثير من الأفكار وأنماط الحياة التي درجنا عليها، والتي لم تعد تتناسب مع المتغيرات الحالية بغض النظر عن طبيعة تلك المتغيرات وآثارها التي نعيش تفاصيلها هذه الأيام.
ومن ذلك قد يكون من المفيد تغيير زاوية النظر تجاه التفكير بمصادر الدخل وكيفية تحصيلها بطرق جديدة، ولعل المتابع يتذكر أن هناك عدة إشارات تم إطلاقها تباعاً وعلى مراحل من قبل الجهات الرسمية في الدولة، تدعو للانتباه إلى أهمية البدء بمشاريع فردية صغيرة ومتناهية الصغر، لتوليد الدخل بعيداً عن التفكير في العمل الوظيفي سواء في القطاع العام أم الخاص.
تلك الإشارات تحمل في مضمونها ما تحدثنا عنه وهي المرونة في طريقة التفكير والخروج من الحالة النمطية في المعيشة والحياة، إذ أن التغير والتبدل هي سمة الحياة والتي لا تستقيم على وتيرة واحدة، ولذلك لا بدّ من بدائل وحلول بما ينسجم مع نتائج تلك التبدلات والتغيرات التي تحدث بفعل السيرورة والتطور وغيرها من العوامل.
وفي محور آخر يمكن الإشارة إليه في هذا السياق هو ما بدأت وزارة التربية تتحدث عنه اليوم، وهو ينسجم مع الدعوة لإنعاش فكرة (المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر)، حيث تم وضع استراتيجية للتوجه نحو التعليم المهني والفني، وفي هذا ما يؤكد أن هناك ضرورات ومتغيرات في الحياة تستلزم تغيير زوايا التفكير النمطية واعتماد خطوات أكثر عملية وتكون ملائمة للمتغيرات والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والبيئية في المجتمع المحلي، وما يجري على مستوى العالم ككل.
ففي الحالة الأولى نجد دعوة لإعادة النظر بطريقة التفكير على مستوى الأفراد، والحالة الثانية تتحدث عن إعادة النظر بطريقة التفكير في التعليم على مستوى الحكومة والدولة ككل، وفي هذا ما يؤكد القول بأنه من المهم التمتع بفكر مرن وقادر على إبداع الحلول وابتكار طرق أكثر تناسباً مع التغيرات الحاصلة لضمان حالة التوازن المعيشي للفرد وللعائلة وبالتالي للمجتمع.
حديث الناس – محمود ديبو