منذ أن بدأت تلمس متعة قراءة الروايات شدني نجيب محفوظ بكل ما لديه وكانت زقاق المدق والقاهرة الجديدة اول الروايات التي قرأتها ثم اكتشفت انه كاتب سياسي من طراز رفيع في روايات كثيرة مثل :السراب وثرثرة فوق النيل واولاد حارتنا .
يشدك عالم نجيب محفوظ لأنه يمتح من القاع الاجتماعي يأخذ كل حكاياه منه وهو الذي عندما سئل لماذا تصور المجتمع المصري وكأنه بؤرة عفن قال محفوظ لم أنقل إلا ما هو القليل القليل وما أعرفه أبعد من ذلك ..لابد من تجفيف العفن وتعقيمه .
طبعاً نجيب محفوظ كان يعمل ضمن دائرة ما معنية بالشؤون الاجتماعية التي تتيح له أن يسمع ويرى ألف ألف حكاية وقصة.
اليوم أتذكر نجيب محفوظ وروايته ثرثرة فوق النيل وأنا كل ربع ساعة أو أقل تصلني رسالة ( وتس. مسنجر .تلغرام ) مما جعلتنا وزاراتنا ندمنه بديلاً من الإعلام ..رسائل تخجل وأنت تقرأ ما فيها ..كتب فلان.. كتبت فلانة ..ناقش فلان رد فلان …همروجة مجانين حقيقة لقد تحول السوريون إلا من عصم ربك إلى محللين ونقاد ومصلحين وعلماء اجتماع ..غابات من العليق الذي لم يبق فيه وعليه إلا الشوك اليابس .
شخصياً لست ضد أن يكون للجميع منابر رأي وحرية كلمة لكن حقيقة المشهد مخجل كتابة ورد فعل بالكثير من القضايا..
لا يحق لاحدنا أن يصادر رأي أحد أبداً إذا ما كان منطقياً لكن حذار من الشخصنة وهدم حدود القيم والاحترام وتجاوز سقف الوطن الذي هو ملاذنا ..
بكل المحبة أقول إننا جميعاً مسؤولون عن هذا الهذيان عن هذه الثرثرة الهدامة مؤسسات ومتابعين كتاباً وإعلاميين.. شخصيات عامة وخاصة ..
تخلينا عن الفعل التنويري يوم ذهبنا إلى هذا الفضاء الأزرق الذي ارتد وبالاً على الوطن ونحن كأننا جياع كلام.. كأننا كلنا مصلحون اجتماعيون ..
ما يجري كارثة حقيقة لأنه دل على ضحالة عند الكثيرين.. إنها الثرثرة الهدامة ولكن ليس فوق النيل إنما فوهة هاوية لابد من ردمها وكل منا أكثر من مسؤول ..
معا على الطريق .. ديب علي حسن ..