بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
يسعى الكيان الإسرائيلي جاهداً ليس لتطبيع علاقاته مع الدول العربية فقط بل لاختراق كل دولة في العالم تقاطعه وترفض فتح سفارتها لديه أو استقبال سفارة له على أراضيها، وتمتد أذرعه الموسادية إلى مختلف القارات لتحقيق هذا الهدف الذي يخرجه من عنق زجاجة العزلة الدولية القاتلة التي رسختها قوانين المقاطعة العربية التي أوجعته كثيراً على مدى العقود الماضية.
في إفريقيا اليوم نجد هذا الكيان الغاصب في ذروة نشاطه لتطبيع علاقاته مع دولها، ووضع قدم اقتصادية له على أراضيها، وقواعد عسكرية في بحارها، وقواعد للتجسس في عواصمها، ونراه يؤجج الفتن والنزاعات والحروب بينها، وتأليب بعضها على بعض، كما هو الحال بين الدول المتنازعة على مياه النيل.
اليوم تمنح مفوضية الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا هذا الكيان الاحتلالي الغاصب صفة مراقب لديها وكأنها تسير على خطا تطبيع بعض مشيخات النفط العربية، التي قدمت التطبيع المجاني له، دون أن ينسحب من الأراضي العربية، ودون أن يعيد حقوق الفلسطينيين المغتصبة، ودون أي ثمن يذكر.
ولكن رغم منح المفوضية لهذا الكيان هذه الصفة بشكل مجاني إلا أن سبع دول أعضاء في الاتحاد اعترضت على ذلك، ورفضت هذا التطبيع المجاني لتقول لشقيقاتها كفاكن نفاقاً لهذا الكيان الذي يمارس الإرهاب والقتل والعنصرية واحتلال أراضي الآخرين.
وجاء في المذكرة الشفوية التي أرسلتها سفارات الدول السبع لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي “موسى فقي” إننا نود إخطار المفوضية برفضنا للخطوة التي أقدم عليها رئيسها بشأن هذه المسألة السياسية الحساسة” مشيرة إلى أنه “منذ زمن طويل ومقررات الاتحاد الإفريقي واضحة تعبر عن موقفه الثابت الداعم للقضية الفلسطينية والمدين لممارسات الكيان الإسرائيلي بكل أشكالها بحق الشعب الفلسطيني والتي تتعارض مع المصلحة العليا للاتحاد وقيمه ومثله ومقرراته.
هكذا إذاً تقوم بعض الأطراف الإفريقية، وفي مقدمتها رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بتقديم الخدمات المجانية للصهاينة دون أن يسير الأخير على خطا أسلافه الرافضين لمثل هذه الخطوة، متجاوزاً الإجماع الإفريقي على رفض التطبيع لما يمثله من مسألة حساسة تحاول إضفاء الشرعية على ممارسات وسلوكيات هذا الكيان العنصري، وبما يتعارض مع القيم والمبادئ والأهداف المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
قصارى القول: كلنا يعرف أن التطبيع المجاني يمهد لتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وتالياً خدمة الأمن الصهيوني، عبر تمرير صفقة القرن التي تمهد لنسف حقوق الشعب الفلسطيني، وطي صفحة مقاومته للكيان الإسرائيلي، لكن المقاومين الرافضين للتطبيع مع هذا الكيان الغاصب تمكنوا من وأد أجندات اللاهثين نحوه ومحاصرتهم، وسيتمكن الشرفاء في الاتحاد الإفريقي من تحقيق الهدف ذاته بإيمانهم بحق الشعب الفلسطيني من جهة وإدراكهم لطبيعة هذا الكيان الإرهابية من جهة أخرى.