قصدت محافظتي طرطوس واللاذقية ريفاً ومدينةً في إجازة قصيرة في هذا الجو الصيفي الحار بعد عناء متوسط الأمل في العمل وطويل وقاس مع ظروف الحياة ومتاعبها ومتطلباتها كغيري من آلاف المواطنين الذين أثقلتهم هذه الظروف وأتعبتهم كثيراً وزادت من أعبائهم وأصبحت حملاً ثقيلاً جداً.
وفي طرطوس كما في جارتها اللاذقية قصدنا بعض الأماكن السياحية الشعبية جداً وزرنا بعض الأصدقاء والزملاء، وخلالها التقينا بالعديد من جموع الناس الطيبين الذين لفحتهم الشمس الحارقة، كما ظروف الحياة الشاقة، ولما عرفوا أنني أعمل في مجال الإعلام انهالت وتفجرت الأسئلة وفتحت (قريحتهم) أكثر بكثير وبدؤوا بالأسئلة والأحاديث عن الحالة المعيشية الصعبة التي يعيشونها تارة، وعن الآلام والأوجاع والمرارة التي يعانونها في سبيل طلب العيش والحصول على المستلزمات الحياتية الضرورية لاستمرار الحياة.
وكان حديثهم الأكثر تركيزاً هذه المرة عن آلية توزيع الخبز التي اعتمدتها مؤخراً وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمعايير التي طبقتها، حيث المعاناة كبيرة جداً وقاسية إلى درجة لايمكن تصورها، أدت إلى عدم تمكن مئات الأسر وربما الآلاف من الحصول على كمية الخبز التي يحتاجونها، والتي أصبحت همهم المباشر وشغلهم الشاغل، ويتسائلون: كيف لأسرة مكونة من 3 أشخاص و4 و5 تحصل على نفس الكمية من الخبز؟! واستغربوا من هذه الدراسة والقائمين عليها متعجبين ومندهشين من عبقريتهم وبعد نظرهم والواقعية التي يتميزون بها وغيرها الكثير الكثير من التساؤلات الممزوجة بالأسى والغضب والحيرة والقلق من قرارات يرونها خاطئة بل كارثية.
في الحقيقة ما سمعناه وما شهدناه وعايشناه من واقع صعب ومعاناة اجتماعية يومية وحالة فيها العجب والتناقض في موضوع توزيع الخبز تستدعي المعالجة الفورية وأن يكون لها الأولوية عند أصحاب القرار، هذا التناقض واضح وضوح الشمس بين مواطن بحاجة للخبز لكنه لايستطيع الحصول عليه ، وبين مادة أساسية متوافرة في الأفران ولدى المعتمدين وغير ذلك لكن لا يمكن توزيعها إلا بموجب آلية أصبحت معروفة لدى الجميع، وهنا السؤال الذي يفرض نفسه: مواطن بحاجة إلى الخبز….وخبز ينتظر المواطن، وما بين الحالتين تبقى المشكلة قائمة.
حديث الناس- هزاع عساف…