ترفع الولايات المتحدة الأميركية ومعها الكيان الصهيوني منسوب الضجيج السياسي والعسكري في منطقتنا كلما وقع أحدهما أو الاثنين معاً في مأزق، وذلك لإبعاد الأنظار عن المشكلات التي يعانيان منها، وعليه فإن حادثة الهجوم على ناقلة النفط الإسرائيلية (ميرسر ستريت) قبالة سواحل عُمان ومحاولة إلصاق التهمة بإيران تصب في هذا الاتجاه، بالرغم من تأكيد الأخيرة عدم مسؤليتها عن هذا الهجوم.
وقد تلقفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هذه الحادثة بحرارة وأخذت تركل بها مثل كرة النار من ساحة إلى ساحة، في محاولة منها لتجييش حلفائها وأتباعها ضد طهران التي تتمسك بحقها المشروع في الطاقة النووية السلمية واضعة واشنطن أمام الأمر الواقع في المفاوضات التي يحاول شركاء الاتفاق النووي أن يقربوا بين وجهات النظر الإيرانية والأميركية.
إلى جانب ذلك تضغط الأوضاع المتدهورة في أفغانستان نتيجة لاحتدام المعارك في هذا البلد الذي أنهكته الحرب الأميركية على مدار عشرين عاماً وتقدم حركة طالبان على كلّ الجبهات تقريباً وسيطرتها على أربع عواصم إقليمية خلال يومين فقط، كل هذه وغيرها تضغط على إدارة بايدن واضعة إياها في وضع لا تحسد عليه، وذلك لأن الوضع في أفغانستان خرج عن سيطرة الأميركيين الذين لم يستطيعوا خلال كلّ سنوات الحرب أن يحققوا ولو يوماً واحداً من الهدوء، يستطيعون من خلاله أن يوهموا العالم بأنهم جاؤوا إلى هذا البلد لتحقيق الاستقرار فيه، وهو ما يكشف الهدف الحقيقي من وراء هذه الحرب.
هذه المشاكل وغيرها تجعل إدارة البيت الأبيض تبحث عن جبهات جديدة كي تلفت أنظار الأميركيين والعالم إليها، فوجدت ضالتها في حادثة الناقلة الإسرائيلية، لذلك راحت تسعى إلى تجييش كلّ الدول التي تأتمر بأمرها ضد إيران، ويساعدها في ذلك عويل إسرائيلي وصل صداه إلى لندن وبروكسل فجاءت الاتهامات من بريطانيا والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع الكبار على وجه السرعة داعمة للموقفين الأميركي والصهيوني، وما زالت محاولات التجييش مستمرة ولا ندري إن كانت جلسة مجلس الأمن الدولي على مستوى الرؤساء اليوم سوف تناقش هذه القضية أم لا.
وبالتالي هل تهرب إدارة بايدن إلى الأمام من المشاكل المحيطة بها سواء في أفغانستان أم المفاوضات مع طهران حول الاتفاق النووي أم غيرها مدفوعة من حكومة نفتالي بينيت الصهيونية فتشعل حرباً جديدة في المنطقة قد تنهي الوجود الأميركي في الشرق الأوسط إلى الأبد؟.. سؤال يبقى برسم المجهول حتى تتكشف ملابسات الهجوم على ناقلة النفط في أهم ممر مائي في العالم؟
حدث وتعليق- راغب العطيه