تنسحب الولايات المتحدة من أفغانستان بحجج وذرائع واهية، وتسلم الحكم لطالبان مع أنها كانت تدعي محاربتها، وتسرب وكالات الأنباء حتى صورة للرئيس الهارب أشرف غني وهو يجلس مع قادة الحركة المتطرفة قبل فترة وجيزة من مغادرة البلاد، ثم يزعم الرئيس الأميركي جو بايدن بعد هذا الفيلم الهوليودي مزاعم واهية حول محاربة طالبان والانسحاب المفاجئ، بل ويدعي أن الخطر بات يأتي من انتشار داعش والقاعدة في سورية والعراق، لتتم أميركا مسرحياتها الإرهابية في هذه المنطقة المنكوبة بسياساتها.
إذاً لعبة الاستثمار في الإرهاب واستمرار الفوضى الهدامة تستدعي أميركياً اختراع “البعبع” الدائم الذي يهدد مصالح أميركا، ويكون الفزاعة والحجة لاستمرار احتلال الدول وصب الزيت على أزماتها، ألم يكن “بعبعهم” محاربة المد الشيوعي قبل عقود واخترعوا القاعدة للوقوف بوجهه؟ ألم تكن الذريعة ذاتها لاحتلال الأراضي السورية والعراقية واخترعوا لها داعش والنصرة وأخواتهما؟.
لكن المفارقة المثيرة للسخرية والاستهزاء معاً أن واشنطن تنسى، وهي تكذب الكذبة، ما كانت تصرح به بالأمس جهاراً نهاراً، فبايدن كان زعم هو ورئيس الإدارة التي سبقته (ترامب) بأنهما قضيا على داعش وأنجزا المهمة في سورية والعراق، وأنهما سيسحبان قواتهم من أراضيهما، وهما من تغنيا كثيراً بسحقهما لهذا التنظيم، وأعلنا مراراً وتكراراً سعادتهما بالقضاء على الإرهاب، لكن بايدن ورموز إدارته وطاقمه يعودون اليوم للزعم بأن مصالح أميركا مهددة من قبل الخطر الداعشي الأكبر القادم من العراق وسورية وشمال إفريقيا.
هكذا وبكل وقاحة وصلف وغطرسة تتنكر أميركا حتى لتصريحاتها ووعودها السابقة، وحتى لخططها الوهمية والكاذبة، وكل ذلك لتحقيق أجنداتها الاستعمارية، فلعبتها الجديدة تستدعي الانطلاق من هذه البلدان والاستمرار بمخططات الفوضى الهدامة، التي أسمتها هي نفسها يوماً ب”الخلاقة”، وتستدعي أيضاً اختراع أزمات جديدة تخدم المصالح الاستعمارية بعد ترتيب القرار في كابول كما تشتهي السفن الأميركية في مواجهة الصين وكل دول الجوار الجغرافي لأفغانستان.
إذاً البيت الأبيض بكل إداراته سرعان ما يعود عن تصريحاته ليستمر بالاستثمار بالإرهاب، حتى ولو اضطر حكامه بنسف تصريحاتهم السابقة عندما تقتضي الحاجة ذلك، وها هو جو بايدن يستمر بتنفيذ سياسات الحكومة العميقة في أميركا التي تضع عيونها على مناطق أخرى من العالم لتحريك الإرهاب فيها، وخير مكان لهذا الاستثمار الإرهابي من وجهة نظر واشنطن والكيان الإسرائيلي هو منطقتنا المنكوبة باحتلالهم وإرهابهم.
نبض الحدث – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة: