غابت الولايات المتحدة الأميركية بكل سوئها وخباثتها عن مؤتمر بغداد، وحضرت فرنسا بنواياها الاستعمارية أصالة عن نفسها وربما وكالة عن سيدها الأميركي، وشاركت جميع دول جوار العراق وعدد من دول المنطقة بمؤتمر التعاون والشراكة، وغيبت سورية التي وصفها الرئيس العراقي برهم صالح بالحاضر الغائب، عن سابق اصرار وتصميم من جانب الأميركي ومعظم حضور المؤتمر الذي تركزت معظم مناقشاته على قضايا الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة ومحاربة الارهاب، وذلك خوفاً من كشف دمشق لأوراقهم الخاصة بدعمهم للتنظيمات الارهابية، وخاصة (داعش) وجبهة النصرة وكل التنظيمات المتوالدة عنهما.
الغياب الأميركي عن مؤتمر يستضيفه العراق الذي ينتشر في أراضيه آلاف الجنود الأميركيين منذ احتلاله عام 2003 إلى يومنا هذا له دلالات كبيرة، ناتجة أساساً عن أن ما يعانيه عراق اليوم هو نتيجة مباشرة للحرب الأميركية العدوانية عليه وغزوه واحتلاله باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
يضاف لذلك المأزق السياسي والعسكري والأخلاقي والإنساني الواقعة فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بكل طواقمها السياسية والعسكرية والاستخباراتية نتيجة لارتدادات الحدث الأفغاني بكل مستوياته على مجمل علاقات واشنطن حول العالم ومواقف كافة الدول من ذلك، والأكثر إشكالاً هو الموقف من حركة طالبان التي سلمتها واشنطن زمام الامور في أفغانستان بعد عشرين عاماً من الحرب والقتل والتدمير.
ويكشف الحضور الفرنسي بشخص الرئيس مانويل ماكرون إن لم يكن تنفيذاً لرغبة أميركية، فهو بالتأكيد آتياً من انتهاز ماكرون لفرصة غياب الأميركي لتحقيق مكسب ما، لا يمكنه تحقيقه فيما لو حضر الأخير، لذلك اقتنص الفرصة للحضور في مؤتمر معني بشكل أساسي بقضايا منطقتنا دون غيرها.
أما دول جوار العراق والمنطقة ما عدا إيران فهي تسير بحسب أهواء واشنطن الشيطانية، ولا يمكنها ان تحقق شيئاً لمصلحة شعوبها حتى تتحرر نهائياً من التبعية العمياء لواشنطن، وأن ترفع يدها عن دعم التنظيمات الإرهابية في سورية وتقر وتعترف في الوقت نفسه بالدور الريادي لدمشق التي من دونها لا يتحقيق لا أمن ولا استقرار في المنطقة ولا في العالم.
حدث وتعليق- راغب العطيه