تداعيات مشهد الانسحاب -أو الفرار- الأميركي من أفغانستان، وما رافقه من استيلاء سريع لحركة طالبان على الولايات الأفغانية، تشير إلى أن كل ما يجري من فوضى بعمليات الإجلاء من مطار كابول، وتفجيرات إرهابية دامية، مخطط له أميركيا، وباتفاق مع إرهابيي الحركة، ما يوحي أيضا بأن ثمة سيناريو غربي معد مسبقاً لمستقبل هذا البلد، ليكون مركز تجمع يؤوي كل التنظيمات الإرهابية تحت إشراف “طالبان” نفسها، حيث نلاحظ كيف يمهد الغرب للاعتراف بحكومتها القادمة والتعامل معها، بعد إزالة صفة الإرهاب عنها.
التفجيرات الإرهابية التي استهدفت مطار كابول، سبقها تحذيرات أميركية وبريطانية وأوروبية، بأن “داعش” سيستهدف الهاربين “أفغان وأجانب” بمحيط المطار، وبعد ساعات حدثت التفجيرات، وسارع التنظيم الإرهابي لتبنيها، وغداة تلك الانفجارات اقترحت لندن وباريس نيابة عن واشنطن إقامة منطقة آمنة في كابول تحت سيطرة الأمم المتحدة بذريعة استمرار العمليات الإنسانية، واستكمال عمليات الإجلاء لعشرات آلاف الأفغان والأجانب، إلى جانب الانتهاء من عملية الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية وحلف “الناتو” التي ينتهي موعدها اليوم الثلاثاء حسب الاتفاق المبرم مع “طالبان”، ألا توحي كل تلك الأحداث المترابطة بوجود مخطط مدروس لإبقاء أفغانستان تحت السيطرة الأميركية واستخدامها كفزاعة ضد الدول التي تعاديها الولايات المتحدة، وفي مقدمتها “الصين وروسيا وإيران”، وهي دول مجاورة لأفغانستان؟.
التحذيرات الغربية السابقة، واضح أنها شكلت رسالة لـ”داعش” كي يستهدف مطار كابول، ولا يمكن للتنظيم الإرهابي شن هجماته من دون التنسيق مع ” طالبان”، بدليل أن الحركة سارعت للتأكيد بأن تلك الهجمات ستتوقف فور خروج أميركا، ليأتي المقترح الفرنسي والبريطاني بإنشاء منطقة آمنة ليكون مقدمة للاعتراف بـ”طالبان”، فهي الآن باتت صاحبة القرار الأفغاني، وإنشاء تلك المنطقة تحتاج لموافقتها، وهي حتما ستشترط الاعتراف بها مقابل موافقتها، والغرب لا شك أنه سيمنحها ذلك الاعتراف، بذريعة أن ذلك يساعده في تحقيق هدفه الإنساني!، وهي بموافقتها على إقامة تلك المنطقة ستحسن من صورتها أمام المجتمع الدولي، ولن نستغرب لاحقا أن تدخل (أفغانستان طالبان) ضمن التحالف الأميركي المزعوم لمحاربة الإرهاب!.
أميركا وحلفاؤها الغربيون أنهوا احتلالهم العسكري لأفغانستان، ولكنهم يعكفون على إعادة هيكلة الإرهاب في هذا البلد، لمواصلة الاستثمار بتنظيماتهم الإرهابية لخدمة مصالحهم ومشاريعهم الاستعمارية، حيث “داعش والقاعدة” ومتفرعاتهما باتوا تحت رعاية ” طالبان”، وهي ستكون لاحقا تحت الحماية الغربية، ويكفي أن تكون مشيخة قطر، ومعها نظام المجرم أردوغان أبرز المقربين لها، حتى نستشعر الخطر الإرهابي القادم تجاه العديد من الدول الواقعة في مرمى الاستهداف الأميركي.
من نبض الحدث- ناصر منذر