ماتزال في الذاكرة أيام الصيف منذ أكثر من أربعين عاماً حين كانت شجرة التوت أو التين أو السنديانة تشكل منتدى ثقافياً شبابياً يديره شباب القرية الذين يحرصون على متابعة شؤون الفتيان الناشئين تدريساً وتنويراً..
من دورات منهاج الصف الجديد إلى المطالعة والقراءة ليعلن أحدهم الخبر المهم جدا: يمسك كتاباً ويقرأ في صفحة داخلية هي الأخيرة.. أرسل خمس ليرات على العنوان التالي ليصلك كتاب..
وفعلا يبدأ العمل على ذلك ويصلك من مطبعة كرم الكتاب وأحيانا يضيفون كتاباً آخر هدية لك..
حضر هذا الزمن البهي أمس وأنا أتصفح بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي .. البحر الذي لا يهدأ ولا يمتلئ وفيه من الإشنيات إلى السمك والحيتان والطحالب وحتى الينابيع العذبة ..
لكنه ماكر مخادع بسمة عامة .. اقرأ(علق بنقطة يصلك السعر على الخاص).
ماذا هذا المصطلح وكيف تحول الكثيرون إلى قناصي فرص وحيتان تريد أن تكبر .. ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور السيِّئ الذي تمارسه صفحات الفيسبوك بزيادة تأزم كل شيء .. بل اختلاق أزمات لا تكون موجودة أصلا .. يكفي أن يكتب أحدهم أو إحداهن مثلا: فقدان الملح من السوق .. حتى تجد النسخ واللصق قد ملأ الصفحات .. ومن يجمع ويراقب ويحلل البيانات يلتقط الخبر ويختفي الملح وبغريزة .. الكل يبحث عن الملح يراكم المزيد يريد ملحاً ومن دافع أن ما يفقد من السوق قد لا تجده إلا بعد تضاعف سعره مرات ومرات.
وقس على ذلك الكثير .. هذا وبال علينا شئنا أم أبينا.. لابد من ضوابط حقيقية تقمع ليس كلمة الحق والنقد البناء إنما كل ما يزعزع ويثير الشبهات ..
ولن ننكر أن غياب الإعلام القوي عن ساحة هذا البحر المضطرب يفسح المجال للكثير من طحالب الإشاعات أن تغدو شبه شجر..
نعم الفيسبوك ساهم بل عمل بغباء البعض على زيادة في الإشاعات التي تحولت إلى سلاح بيد التاجر الذي ترك ضميره أو ركنه في كهف لا طريق إليه إلا بزجر قوي بسلطة القانون.. كفانا نأكل بعضنا بعضاً.
معا على الطريق -ديب علي حسن