تتجه الأنظار بعد غد إلى مدينة سوتشي الروسية التي يجتمع فيها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، وسط تباين مواقف الطرفين إزاء عدد من القضايا الإقليمية، فالنظام التركي الذي يشارك في مسار أستانا إلى جانب روسيا وإيران لم يغير من سلوكياته العدوانية ومن دعمه للإرهاب طيلة الفترة الماضية، رغم كل الفرص التي أتيحت له من أجل ذلك، حيث لا يزال يقدم الدعم لأكثر المجموعات الإرهابية تطرفاً وفي مقدمتها جبهة النصرة التي تسجل في كل يوم عشرات الانتهاكات لمناطق خفض التصعيد، إلى جانب إشرافه المباشر على مجاميع من المرتزقة والإرهابيين في الشمال حيث تعتدي على الأهالي هناك وتقطع المياه بشكل متكرر عن ملايين السوريين، وهو ما يقوّض بشكل كبير فرص الحلول السلمية في سورية.
لا أحد يجهل أن الدور التخريبي الذي يلعبه نظام أردوغان في سورية يتقاطع ويتطابق مع الدور الأميركي، وثمة قناعة راسخة لدى الكثيرين بأنه مجرد تابع وخادم له، فأردوغان الذي يتباهى بعضوية بلاده في الناتو لا يمكن أن يتخذ مواقف تثير غضب واشنطن، وتجلى ذلك في العديد من الأزمات التي تعصف بالمنطقة، وقد يكون من الأجدى لروسيا أن تناقش الدور التركي مع الجانب الأميركي الذي يعطيه الأوامر، حيث لا أحد ينتظر من الدجال التركي سوى المراوغة والتضليل والرقص على الحبال السياسية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
قبل اللقاء أكد الكرملين على لسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف عدم قبوله باستمرار الخطر الإرهابي في إدلب، كما تم إرسال رسالة شديدة اللهجة للمجاميع الإرهابية المدعومة تركياً في عفرين، وهي رسائل ضغط على أردوغان من أجل التحرك الفوري لمعالجة هذا الخطر قبل أن يلجأ الجيش العربي السوري بمؤازرة روسية لمعالجته بالطريقة المناسبة، ولتتحمل تركيا تداعيات ما سيحدث بعد ذلك.
بطبيعة الحال لم يعد هناك الكثير من الوقت أمام أردوغان ليضيعه بالتسويف والمماطلة، ومن المتوقع أن يذكره بوتين بتعهداته التي لم ينفذ منها شيئاً، قبل أن يتم التحرك عسكرياً لتحرير إدلب واستئصال الإرهابيين منها وإعادة ما تبقى منهم إلى حضنهم التركي، والرسائل القادمة من الجنوب السوري “درعا ومصالحاتها” سيسمع صداها قريباً في الشمال.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود